حرب إبادة تعرضت لها حلب بسبب الحملة العسكرية الهمجية الروسية وعصابات الأسد والميليشيات الإيرانية، إذ تستخدم مختلف أصناف الأسلحة وأكثرها فتكا وحرقا وتحريما، وجديدها الأسلحة الارتجاجية المدمرة، المستخدمة لأول مرة في تلك الحرب ضد الشعب السوري الأعزل. روسيا تضرب بقرارات الأممالمتحدة عرض الحائط وتدرك الضعف السياسي للرئيس الأمريكي أوباما. حلب تباد بأيد روسية وإيرانية وسط صمت عربي ودولي غير مسبوق وقد اتضح أن موسكو قررت إبادة السكان من خلال المنشورات التي تلقيها الطائرات السورية على سكان حلب تضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مغادرة المدينة أو القتل، وقد استخدمت المنشورات لغة لا تخلو من الحرب النفسية عندما ذكرت سكان حلب بأن المجتمع الدولي سيخذلهم كما خذلهم من قبل، وفي ذلك محاولة لإقناع السكان بمغادرة المدنية وهي محاولة تأتي ضمن سياق التطهير الديموغرافي والطائفي الذي تشرف عليه القوات السورية بتوجيه من إيران وميليشياتها التي تستبيح الأرض السورية. إبادة حلب تؤكد فهم قادة إيران بأن التمكين الشيعي يستلزم تطهيرا طائفيا تقوم به في العراق وتقوم به روسيا في سورية وسط صمت دولي مريب حتى إن قرارات مجلس الأمن تخرج بلا أنياب أو مخالب. أمريكاوروسيا دخلا منعطفا خطرا في سورية، وخرجا إلى العلن يكذّب بعضهما الآخر أمام العالم، وهي مناورات إعلامية لا تغير من الواقع الذي يتحمله أوباما وحده، حينما كبل نفسه بقرار عدم إرسال قوات برية إلى سورية، كما سمح لإيران أن تملي شروطها في الأزمة السورية مقابل انتزاع توقيعها على الاتفاق النووي، وترك الساحة للروس يتمددون ويقصفون المدن السورية، ويقفون مع النظام وليس الشعب في حرق الأرض والإنسان، بما فيها حلب التي تمثّل العقبة الكبرى في الصراع فكان القرار الثلاثي الإيراني الروسي السوري بإبادة المدينة على سكانها. روسيا التي تعمدت مع حلفائها النظام السوري وحزب الله وإيران هدم حلب وقتل أبنائها تنفذ المشروع الإيراني في المنطقة مقابل حصة لبعض النفوذ، فما يجري في حلب الآن كارثة إنسانية، وحرب إبادة يخوضها النظام وداعموه وسط صمت وتخاذل وتواطؤ من العالم كله، وبالتالي فإن العالم كله شريك فيما يجري في حلب التي خُيِّر أبناؤها بين المغادرة أو الحرق.