أحدثت لوحة «الجيران» في دار الأوبرا الكويتية أمس الأول، ابتهاجاً لدى مسرحيين سعوديين، إذ يرون أن حضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وأمير دولة الكويت صباح الأحمد الصباح، تعبير عن طموحات وآمال أبناء الخليج الواحد، وأن «أبو الفنون» لا يزال قادراً على إيصال صوت الشعوب إلى الحكومات. من جهته، يؤكد الكاتب المسرحي ناصر العُمري أنّ «اللوحة برغم قصرها كانت مكثفة جداً، واستطاع خلف الحربي، وأيقونات الفن الخليجي إبراهيم الصلال وناصر القصبي وسعاد العبدالله وحبيب الحبيب، تجسيد طرف من الواقع الخليجي عبر المشهد التمثيلي وتضمينها مخاوف وآمال المواطن الخليجي بجرأة عالية وبساطة وعمق»، مضيفاً أن المشهد «نقل هذه الآمال من أحاديثنا العابرة ومن مواقع التواصل والمقاهي والديوانيات ليضعوها على طاولة القادة مغلفة بصدق الانتماء والرغبة التي تسكننا في بزوغ فجر جديد قوامه تشكيل كيان خليجي قوي ينأى عن السقوط في الخلافات والطائفية البغيضة». فيما يرى الكاتب المسرحي إبراهيم الحارثي أنّ «المشهدية رائعة؛ لأنها عبرت عن اللحمة الجغرافية وقدمها أشخاص يؤمنون بأن (الفن) أداة تغيير وهو أيضًا (لسان للمجتمع)»، وأضاف الحارثي أنّ «هذه النخبة عبرت عن آمال الشعوب وآرائهم وتطلعاتهم وذهبت هذه (الحالة المسرحية) بين الركبان، تداولها القاصي والداني، كلهم وجدوا في ما قُدم ضالتهم، فالمسرح الذي حضر في حفل الاستقبال لخادم الحرمين الشريفين كان يقول: بالمسرح نسعى لطرح قضايا تهم المواطن العربي وتحثه في البحث عن هوية حقيقته ووجوده، الأمر الذي يساعد المواطن العربي على اكتشاف هويته الجغرافية والتاريخية وتفعيل هذا الاكتشاف لتجاوز أزمة حقيقته ومكانته الحضارية المرتبطة بتقاليد المنطقة عبر عملية تأسيس شاملة تربط بين الشكل والمضمون ربطًا منظمًا هادفًا». ويذهب الكاتب والمخرج المسرحي ياسر مدخلي إلى أنّ هذا كان دليلاً كافياً لأهمية المسرح ومؤشراً مهماً لحاجة هذا الفن المؤثر إلى الاهتمام كما يستحق، بتهيئة البنية التحتية اللازمة له ليكون جاهزا للاستعانة به في محفل بهذا المستوى ليقول كلمة عميقة ويؤدي رسالة ربما لم تصل من خلال اجتماعات ومؤتمرات وخطابات عديدة سياسيا وإعلاميا. ويضيف المدخلي أنّ المسرح ما زال جديرا بحمل لواء التغيير المجتمعي وعلينا أن نؤمن به كوسيلة رئيسية لتشكيل الذهنية وهو بلا شك أحد أبرز معايير الحضارة لأي أمة، لأنّ للمسرح دوراً إنسانياً ما زال في المملكة العربية السعودية ودول أخرى رهينا للاجتهادات الفردية وبعيدا عن المؤسساتية، والدعم ولكننا نطمح أن نجده مستفيدا من السياسة الثقافية والنشاط الاجتماعي ومدعوما ماليا و لوجستيا ليحقق دوره الحضاري. فيما استعاد الكاتب والقاص محمد ربيع الغامدي التاريخ بقيام أهل جدة قبل 60 عاما بتنفيذ مشهد مسرحي جسّد أمام الملك المؤسس رحمه الله معاناة أهل جدة مع الماء، وبعده مباشرة أمر الملك عبد العزيز بإيصال الماء إلى جدة وخلال عام كان الماء يتدفق داخل منازل جدة بعد جلبه من وادي فاطمة ضمن ذلك المشروع الإنساني الذي عُرِف محليا باسم العين العزيزية. ويضيف الغامدي في الكويت كان المسرح حاضرا ضمن احتفالات الحب الكبير التي أقيمت ترحيبا بخادم الحرمين الشريفين الذي يزور إخوته وأهله في الكويت، كان مشهدا انطلق من حدث بسيط ليتطور إلى طرح جريء حول مجلس التعاون وحول الوحدة المؤملة بين سائر وحداته السياسية، ليصنع ذلك المشهد البسيط دراما جريئة سارت وقائعها في مسارات عفوية لا تبتعد عن طموحات شعوب الخليج ولا عن طموحات قادتها، توجتها الفنانة سعاد العبدالله وزميلاها ناصر القصبي وحبيب الحبيب بحضور مسرحي متألق، طغى عليه أداء المحترفين وحداثة الديكورات والمناظر ثلاثية الأبعاد وبساطة النص وحميميته وصدقه.