ضمن إطار الجولة الخليجية المهمة والاستثنائية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، سعت دول الجوار للاحتفاء بمقدم هذه الشخصية الكبيرة احتفاء يليق بها وبمكانتها، فعبّرت كل دولة على حدة عن صدق مشاعرها حكومة وشعبا عبر وسائط عديدة وطرائق مختلفة، سواء أكانت إعلامية أو مجتمعية أو فنية وغير ذلك، لكنها وبشكل عام صبّت في إبراز تلك المعاني الأخوية العظيمة للشقيقة الكبرى ولملكها وقائد مسيرتها حفظه الله. من ضمن هذه الفعاليات المتنوعة والرائعة التي قدمت مشهدا تمثيليا كان ضمن مراسم استقبال الملك سلمان في دولة الكويت، رعاه العاهلان الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخوه الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، جسد هذا المشهد تمثيلا من الكويت كل من الفنان الكويتي المخضرم إبراهيم الصلال، والفنانة الكبيرة سعاد عبدالله، ومن السعودية: الفنان الكوميدي ناصر القصبي والفنان الشاب حبيب الحبيب، ولأهمية هذا المشهد هذه قراءة فيه وفي حيثياته على مستوى المضمون ومستوى الشكل، فمن حيث الشكل لاحظنا جميعا مشهدا مسرحيا قُدم بصورة بسيطة في عناصره الفنية، في إخراجه وديكوراته وأزيائه وحتى في إضاءته وملحقاتها، وهذا أمر طبيعي جدا بأن لا تكون الفرصة في مثل هذه المناسبات الرسمية متاحة لتقديم عرض مسرحي متكامل سواء في مساحته الزمنية الطويلة أو في احتياجاته الفنية من ديكور وإضاءة وخلافة، «فبرتوكولات» الرسميات وكما هو معهود عالميا تحد من هذه الفرصة، لهذا كان من الطبيعي منح السيادة للمستوى الأول وهو مستوى المضمون والطرح الفكري، والحقيقة أنه الأولى أمام عاهلين كبيرين وفي مناسبة عزيزة كهذه. كان المشهد جريئا على مستوى الطرح، فعبّر بصورة مباشرة وجلية دون ترميز أو أقنعة عن قضية تشغل الشارع الخليجي، كما تشغل القيادات في هذه الدول، وبوسعنا القول إنها القضية الأكثر إلحاحا في هذه المرحلة الزمنية التي باتت فيها مصالح الخليج العربي ودوله مستهدفة من قبل الكثير من الطامعين والحاقدين، وبتنا نستشعر هذا التكالب على هذه الدول المستقرة الهانئة في عيشها وحياتها، إنها قضية تطوير فكرة مجلس التعاون الخليجي، كي يتجاوز مرحلة الحلم من كونه مجلسا للتعاون إلى بلوغ المرحلة الأكثر طموحا بجعله اتحادا يضم هذه الدول الست، المعروفة بوحدة دينها وتراثها وعاداتها وتقاليدها وواقعها الاستراتيجي، الامر الكفيل بقطع الطريق على كل الاطماع السياسية الخارجية من جانب، ومن جانب آخر يحقق للمواطن الخليجي في هذه الدول مشروعه الحلم، والمشهد رغم بساطة تنفيذه وقلة شخصياته وقصره الزمني استطاع أن يختصر آلاف المقالات وعشرات الخطابات في هذه القضية، ساعده على ذلك كونه كان شفافا في مقولته الكبرى وخطابه الرئيس دون مواربة أو ترميز. يعيدنا هذا إلى قوة الدراما وإمكاناتها الهائلة في تجسيد الأفكار واختصار الموضوعات، فضلا عن رسائلها المؤثرة التي تصل إلى القطاع الأكبر من المجتمعات على اختلاف مستوياتهم العلمية والعمرية والثقافية، ولكن بشرط اتسامها بالأهداف السامية، وبالقيم الرفيعة، والرسائل الإنسانية العظيمة، فاشتمالها على هذا الشرط جدير بمنحها مساحة أكبر للتأثير، وقدرة أعظم على إحداث التغيير، وقد فعل الإخوة في الكويت خيرا حين منحوا الدراما مساحة في هذه المناسبة العظيمة للشعوب الخليجية كي يعبر هذا المشهد المسرحي عن حلم كل الخليجيين.