أقر مجلس النواب العراقي قانونا سمي بقانون الحشد الشعبي في محاولة لشرعنة الميليشيات الطائفية في العراق بما يخدم مصالح القوى التي وقفت وراء تشكيل هذا الحشد. وبنظر أكثر المراقبين فإن هذا القانون ينذر بتشكيل (حرس ثوري) عراقي يكون امتدادا طائفيا للحرس الثوري الإيراني المكلف اليوم بمهمات تتجاوز حدود إيران وتلعب دورا في توسيع التمدد الإيراني في الوطن العربي. فكرة الحشد الشعبي جاءت بعد فتوى للمرجع السيستاني ولكنها فقدت معناها بعد أن هيمنت الميليشيات الصفوية الإيرانية الصناعة على تشكيلاته ومنذ أن وضع تحت قيادة نوري المالكي وغيره من جنود إيران الذين تلقوا تدريباتهم في معسكرات الحرس الثوري الإيراني وما يسمى بجيش القدس. وبعد أقل من شهر على تلك الفتوى تراجع عدد المتطوعين وربما وصل إلى أقل من 2 % ليتسلل إليه عناصر وعصابات إيران وتبدأ خيوط تشكيل هذا الحشد الشعوبي وليس الشعبي. لماذا؟ عادة ما تكون الجيوش أو القوى المساندة لها مثل الحرس الوطني وغيره تنظيمات تضم كل مكونات المجتمع في دولة ما ولكن وبنص القانون الذي أقره البرلمان يتمتع الحشد الشعوبي بما أسماه بالخصوصية التي تمنع انتماء أي مكون من الشعب العراقي باستثناء مكون ذي لون طائفي معين. فالمادة الأولى تصرح بوضوح عن النفس الشعوبي وتعطي هذا التشكيل صلاحيات تفوق الصلاحيات الممنوحة للقوات المسلحة. واضح أن المقصود من هذا القانون ليس تشكيل قوة رديفة تعمل على إسناد الجيش العراقي كما جاء في أسباب تشكيله ولكن واستنادا إلى تصريحات عدد من المسؤولين عن الحشد الشعوبي قوة تدخل وتمدد في مساحات واسعة من الوطن العربي، فهادي العامري المسؤول عن ميليشيا (بدر) أعلن صراحة أن الحشد الشعوبي سيتوجه إلى سورية بعد أن (يحرر) تلعفر على زعمه، وهذا لا علاقة له بالشأن العراقي. إن الهدف من تشريع هذا القانون أيضاً هو خلق سلطة عسكرية أعلى من سلطة الجيش، في محاولة للحفاظ على مكاسب سياسيي المنطقة الخضراء التي اهتزت بعد التظاهرات العارمة في مناطق الوسط والجنوب قبل قرار الهجوم على الفلوجة. الخطر الذي يتهدد الكيان العربي لا يحتاج إلى خطب وشعارات ولكن يحتاج إلى وسائل عملية لمواجهة الزحف الإيراني الذي يحظى بموافقة قوى كبرى إلى الأمة العربية وأراضيها. * كاتب واعلامي عراقي