يوم أشرنا إلى أن تشكيل ما أطلق عليه اسم الحشد الشعبي في العراق استنساخ طائفي لميليشيات مهمتها فرض التوجه الطائفي لمكون مذهبي في العراق على حساب المكونات الأخرى يعمل على تكريس تسلط حكم ذلك المكون، ويكون شبيها بمليشيات الباسيج في إيران الذي يعد الذراع القمعي للحرس الثوري، والذي تنحصر مهامه في قمع أية معارضة إيرانية شعبية، وتكريس حكم ولاية الفقيه وتحصين حكم ملالي إيران. كنا لا نقرأ المستقبل لما سيتم في العراق، بل هو تحليل لما يقوم به ملالي المكون الطائفي المرتبط بملالي ايران الذين ينتمون لمنبع واحد رغم بعض الاختلافات التكتيكية؛ فالذي دعا إلى إنشاء الحشد الشعبي والذي اقتصر على اتباع مكون طائفي واحد مما جعل العراقيين يسمونه بالحشد الشيعي، هو مرجع ذلك المكون بحجة الدفاع عن العتبات الشيعية في كربلاء والنجف بعد تهديد داعش الذي هو في الأساس صنيعة إيرانية دعمته وساعدت على تقويته سياسات وأعمال نوري المالكي كبير عملاء ملالي إيران في العراق. يومها، دعا علي سيستاني إلى إعلان الجهاد الكفائي والذي نتج عنه تكوين الحشد الشيعي الذي عجل في توحيد المليشيات الشيعية من خلال تجميع قوى وعناصر المليشيات التي أنشأها ملالي إيران في العراق والتي بلغت 39 مليشيا أكثر عدة وعدداً وكراهية للعرب العراقيين قوات بدر بقيادة عميد الحرس هادي العامري والذي ضم إليه مليشيا ما يسمى بعصائب الحق بقيادة قيس الخز علي ومليشيات حزب الشيطان العراقي بفرعيه، جماعة كريم المحمداوي وحسين الساري، إضافة إلى مليشيات الأحزاب الطائفية، الأذرع الإرهابية لأحزاب الدعوة، وتجمعات شهيد المحراب التابع لحزب عمار الحكيم، وهذه المليشيات التي انضمت إليها المليشيات التابعة للتيار الصدري من جيش المهدي والتي انفصلت فيما بعد أن شعرت بسيطرة العامري والمهندس اللذين كانا بمثابة نائبي الجنرال قاسم سليماني ممثل ولي الفقيه في العراق وانشقاق الصدريين أو إبعادهم؛ نتيجة عدم التزامهم بالأوامر التي تصدر من طهران والتي تطلب من الحشد الشيعي تنفيذ أجندة إيران التوسعية، والتي تتمثل بفرض سيطرة تيار ولي الفقيه الصفوي على جميع المدن والمناطق التي تسترد من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي بتطبيق عمليات العزل المذهبي بقتل العرب السنة وحتى الشيعة الذين يعارضون نظرية ولي الفقيه، والتي امتدت للتركمان والأكراد، كما لاحظنا في طوز خرماتو. هذا التنظيم الميلشياوي الإرهابي أخذت مهامه تتضح وتتكشف بعد الانتفاضة الجماهيرية العراقية التي انتفضت واقتحمت المنطقة الخضراء لإلغاء حكم المحاصصة ومافيا الحكم الطائفية، فبعد رفض قوات الشرطة وقوة حماية بغداد تنفيذ أوامر قتل العراقيين المنتفضين، أصدرت طهران وعبر المرشد علي خامنئي عن طريق مستشاره علي أكبر ولايتي، الذي أوعز لميلشيات الحشد الشيعي بالضرب والتصدي للمظاهرات، وهذا الولايتي، وإن غلف أمره للمليشيات الإرهابية بتحذيره للجماهير العراقية، وقوله بأن حكم الشيعة للعراق والمحاصصة الطائفية خط أحمر لن يسمح المرشد لأحد بتجاوزه، تلقف هادي العامري والمهندس والمليشيات الطائفية ما أبلغ لهم وما فهموه من خلال التحذير لتقوم مليشيات الحشد بالانسحاب من خطوط التماس مع داعش وتتحشد عند أطراف بغداد، وبالتحديد عند منافذ العاصمة، وبعضها تسرب حتى إلى داخل المنطقة الخضراء ليؤدي المهام التي أنشىء من أجلها وهو قمع الشعب العراقي وفرض التبعية لملالي ايران، في واحدة من أبشع صور الانحطاط والذل التي تفرض على العراق، وتهديد يصدر من مستشار للمرشد الصفوي في طهران فيتم قمع العراقيين في بغداد.