الانتصار الذي ظفر به الممثل السعودي ناصر القصبي أخيراً في معركته القضائية ضد إمام مسجد كفره، يراه كثيرون أكثر من مجرد حق خاص يقتص به شخص من آخر، بل اعتبروه نصراً لعدالة القضاء ونزاهته، ورادعاً لمن يطلق الفتاوى جزافاً دون سند شرعي على منابر الخطابة وأمام الملأ، فكان الحكم الذي أوجب سجن خطيب أحد الجوامع 45 يوما لتكفيره فنانا سعوديا دون النظر إلى توجهات أطراف القضية بحسب قانونيين، أمراً مهماً وإيجابياً سيسهم في تضييق دائرة «التكفير» عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودون مراعاة لأحكام الشرع في ذلك. يقول المحامي محمد الجذلاني إن الحكم لم يكن مفاجئا كونه جاء تطبيقاً لحكم شرعي ثابت ليس محل خلاف، ينص على أن تكفير المسلم وقذفه بأوصاف الفسق والزندقة يعتبر محرماً من كبائر الذنوب، مبيناً في حديثه ل«عكاظ» أن لا يجوز تكفير المسلم إلا بحكم قضائي شرعي بعد التثبت بشكل قاطع أنه ارتكب فعلاً مكفراً واستتابته وبيان الحق له فلم يرجع. وأضاف الجذلاني: ومع أن الحكم الصادر بحق الخطيب مكفر الفنان القصبي هو حكم جيد ورادع ولا أظنه الأول من نوعه، فالقضاء الشرعي بالمرصاد لكل من ارتكب تكفيراً وتفسيقاً للمسلمين مؤكداً أنه صدرت عدة أحكام بالتعزير عن ذلك لكن قد لا تكون أخذت حقها من الانتشار الإعلامي لأن أطرافها غير مشهورين. كما يرى المحامي الجذلاني أن عقوبة السجن لمدة 45 يوما بحق الخطيب هي عقوبة مناسبة كون أن قيمتها معنوية أكثر من كونها مادية فالحكم أثبت تحريم وتجريم هذا الفعل واستحقاقه التعزير وبالتالي فمتى وقع مثل هذا الفعل مرة أخرى من المحكوم عليه أو غيره ورأى القضاء أن التعزير عن ذلك يجب أن يكون أشد فلن يتردد القضاء في تشديد الأحكام، مشددا أن الحكم بحق الخطيب سيكون فيه ردع للآخرين، وتنبيه للغافل منهم عن شناعة وتحريم هذا التكفير. بينما قال المستشار القانوني رئيس مركز كوادر القانون الدكتور عمر الجهني ل«عكاظ» إن القضاء السعودي نزيه في تعاملاته وأحكامه رغم بعض الانتقادات التي وجهها له الفنان ناصر القصبي في إحدى حلقات مسلسله، مشيراً إلى أن القضاء لا يفرق بين ممثل أو خطيب، ولفت إلى أنه يحق للخطيب رفض الحكم كونه مبدئيا، ورفع دعوى -حسبة- ضد الفنان القصبي لما يراها إساءة إلى القضاء في إحدى حلقات مسلسله وقد يكسبها.