لا تستهويني دهاليز السياسة الخارجية واتفاقياتها المُلتوية التي تصب لصالح الأقوى، ويسقط فيها الضعيف ضحية لضغوط سياسية واقتصادية تحت شعار الديموقراطية التي غالبا ما تكون جائرة. فكثير من القرارات التي تصدرها الدول الكبرى غير منطقية وآخرها ما أقره الكونغرس الأمريكي بمسمى «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» أو ما يعرف ب«جاستا»، المثير للجدل ويناقض مبدأ حصانة الدول ذات السيادة، واعتداء عليها، ويحيل النظام الدولي إلى منطق البقاء للأقوى، ومحاولة لابتزاز دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة، لكن لا يصح إلا الصحيح، مهما تعاقب الزمن. وما يبث التفاؤل في نفسي بعودة الأمور إلى نصابها، مصادقة منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) خلال اجتماع عقد أخيرا في العاصمة الفرنسية باريس على قرار ينفي وجود ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق، وأنها تراث إسلامي خالص، ليأتي القرار منصفا وعادلا، وهو ما سيحدث قريبا لقرار «جاستا» الذي لن يرى النور، لعدم منطقيته، وسيتحول إلى حبر على ورق فقط، ويصبح من الماضي البائد. وبعودة إلى قرار اليونسكو الأخير حول ارتباط المسجد الأقصى بالمسلمين، استغرب تأخره كثيرا، ولماذا لم يقتنعوا به طيلة العقود الماضية بأنه للمسلمين؟ بعدما أراقوا الدماء على أرصفة القدس، ولم تستسلم إسرائيل لهذا القرار الذي بذلت جهودا كبيرة لوقفه أو على الأقل التخفيف من لغته، لكنها نجحت فقط في تغيير مواقف عدد قليل من دول الأعضاء، وبالطبع ما حدث غير مستغرب، لأنها من دهاليز السياسة وربما غداً يصدر قرار بالتراجع أو مناقض لهذه الحقيقة، بينما الأمر معروف منذ الأزل، وكم لنا في هذا التاريخ من عِبَر ومواقف تستحق أن نقف عندها لنستفيد منها.