مكن الفنان فادي الحموي في معرضه الفردي الأول (مجتمع ناقص 180 درجة) بالآرت هاوس من تقديم 12 لوحة من القطع الكبير إضافة إلى 16 لوحة من القطع الصغير تنوعت موضوعاتها الفنية في نقد سطوة الأعراف والتقاليد البالية على المخيلة الشعبية ليكون هذا المعرض بمثابة صرخة لونية في وجه التخلف واحتجاج علني على القيم الرجعية في بلدان العالم الثالث. وتميزت أعمال الحموي بجرأة اجتماعية وفنية في الوقت ذاته لتكون اللوحة بمثابة دعوة للحوار مع الآخر في عالم يصفه الفنان بأنه يشهد تطرفاً غير مسبوق في تبني الآراء والمنافحة عنها مبيناً أن الفن التشكيلي السوري كان في مقدمة الفنون العربية التي تصدت للجهل والخرافة والنزعات العدوانية في العالم ولاسيما تسلط الأموال الجاهلة وتحكمها بخطاب الإعلام في بلداننا العربية. وأوضح الحموي في حديث خاص لوكالة سانا أنه اشتغل في لوحاته على مواد مختلفة من الإكريليك والقماش وأوراق الجرائد محاولاً استعارة طبيعة الجدران الطينية للبيوت في دمشق القديمة ليقدم عبرها مستويات متعددة من العمل الفني على سطح اللوحة مبرزاً حيوية الشارع السوري وخصوصية أناسه ولاسيما ردود أفعالهم العفوية على الأفكار المغلوطة عن الحب والزواج والكراهية ليكون المتلقي أمام موشورات تشكيلية قدمت ألواناً واضحة وصريحة هي الأبيض الأزرق الأحمر الأسود. وأضاف الحموي أنه حاول الابتعاد في أعماله عن اللون الرمادي بغية تقديم ما يشبه منظوراً لغرف ليست منزلية بالمعنى الحرفي للكلمة بل هي محاولة لإبداع فراغ لوني خاص يتواجد فيه أشخاص يشبهون شخصيات الواقع في محاكاة مستمرة لنقد التبجح الذي يمارسه الإعلام في أيامنا هذه خاصةً عندما يصبح هذا الإعلام طرفاً في الصراع ومحرضاً عليه. وأطلق الفنان الشاب عناوين مختلفة لأعماله كان أبرزها (حمامة السلام.. مبروك.. ديك الإعلام.. حقيبة دبلوماسية.. طبيعة صامتة.. جوري.. ليلة الدخلة.. بساط أحمري.. عرس عربي بحت.. غرفتي الرابعة صباحاً.. حلال مئة بالمئة) لنكون أمام مناخات درامية استطاعت اللوحة إنضاجها إلى ما يشبه بلاغة تعبيرية عالية المستوى استقت أساليبها الفنية متأثرةً بأعمال لفنانين كبارعلى نحو(شاغال) و(فرانسيس بيكون) مقدمةً فنون الشارع والغرافيك كمادة بصرية اشتقت شخوصها من اليومي والمعاصر. وتمكن الحموي من صياغة مشهديات سينمائية على مساحة لوحاته مناغماً بين عدة تكوينات تشكيلية حضرت فيها حساسية جديدة في تناولها للواقع العربي المعاصر وفق سخرية واضحة من دور الميديا وطريقة التعامل معها في استخدامها لغسيل الدماغ الجماعي للجمهور ولاسيما في لوحة (ديك الإعلام) التي تهكمت من أسلوب تعاطي المؤسسات الإعلامية الرأسمالية مع الحدث من وجهة إمبريالية بحتة. يذكر أن معرض (ناقص 180 درجة) يستمر حتى السادس والعشرين من الشهر الجاري في صالة الآرت هاوس وأن الفنان الحموي خريج قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بدمشق عام 2010 وله مشاركات في العديد من المعارض الجماعية وفي مهرجانات ومعارض الفن المعاصر في أوروبا.