وليد ابو مرشد "فضلت تأجيل قرار الإنجاب عاما واحدا، حتى أتمكن من دراسة أخلاق زوجي، فالزواج أصبح كالحظ، والخبرة وحدها هي من تقرر إن كانت الحياة ستمتد أم ستنتهي بعد فترة، فالحياة لم تعد سهلة، ولا ضمانات اجتماعية أو اقتصادية أو حتى عاطفية من شأنها أن تحافظ على بقاء وقدسية الحياة الزوجية، وسرعان ما تطفو الخلافات على السطح منذ الأشهر الأولى، ولا أرغب في أن يكون هناك طرف ثالث يقحم في هذه الخلافات، ويتحمل إفرازاتها دون ذنب، لذلك قررت بأن تكون السنة الأولى من الزواج فترة اختبار لسلوكيات شريك العمر حتى أجنب نفسي المعاناة، حيث سيصبح الانفصال فيما بعد أصعب في وجود الأطفال". بهذه الجرأة تحدثت "سلمى" عن قرارها وهي لا تزال عروسا في شهرها الأول، مشيرة إلى أن القرار لم يكن وليد الصدفة، وأنها استفادت من تجربة زميلة لها في الجامعة، حيث تقول: "لم يدم على زواج صديقتي أكثر من ثمانية أشهر، ورجعت بعدها لبيت أهلها مطلقة، تحمل بين أحشائها طفلا لا ذنب له في كل ما جرى، وعندما زرتها نصحتني بأن لا أصدق المدح الذي أسمعه قبل الزواج عن الخاطب، فالكل سيقدم ما لديه من أمور إيجابية نحو العريس قد لا تمت للواقع بصلة، حينها قررت التأكد من شخصية الزوج، ولن يكون ذلك إلا بعد مرور سنة كاملة". "أنفال" لم تكن بعيدة عن ذات المشكلة، حيث بررت رغبتها في تأخير الإنجاب إلى ما بعد السنتين، بقصص إنسانية مؤلمة تتداولها وسائل الإعلام لفتيات انتهت زيجاتهن بمعاناة نفسية وجسدية شديدة، علاوة على ضياع مستقبل الأطفال، تقول "في بعض الحالات انتهى الأبناء إلى الإقامة في مؤسسات اجتماعية، نتيجة إصرار أهل الفتاة على تزويجها مرة أخرى، وإلقاء مسؤولية الاعتناء بهم إلى الأب الذي يتزوج هو أيضا، فيتعرضون لصنوف من العنف الأسري". من جانبها أكدت أخصائية الإرشاد النفسي مريم العنزي ل"الوطن" أن "هناك خللا اجتماعيا وثقافيا وقيميا قد تمكن منا، وامتد ليطال من علاقاتنا، ومن قدرتنا ليس فقط على تفهم الآخر، بل على تفهم أنفسنا، فالعروس تدخل إلى بيت الزوجية كي تؤسس مملكتها الخاصة، تكتشف أحيانا سلوكيات من قبل الزوج لا تستطيع بكل ما أوتيت من قوة تغييرها تكتشف في بعض الأحيان، وتضاف إليها أعباء اجتماعية قد لا تكون في الحسبان". وتابعت قائلة: إن "العثور على الزوج المثالي ليس بالأمر السهل، وكثير من البنات يتأثرن نفسيا بما يعرض على الساحة من صنوف الآلام التي قد تواجه الزوجة جراء زيجة فاشلة لم يكتب لها جزء من نجاح، لاسيما بعد إنجاب عدد أطفال فيزداد الأمر سوءا"، مشيرة إلى أن بعضهن تعايش مع هذه المواقف المأساوية والبعض الآخر لم ينجح فكان الطلاق. ونصحت الاختصاصية الفتيات وأسرهن بضرورة تقييم الخاطب قبل الزواج بالسؤال عنه من قبل المحيطين به سواء من الجيران، أو من يحيطون به في العمل. وأضافت أن "قاموس المقبلات على الزواج مليء بالتساؤلات، ولكن ليس كلها هاما، لأن هناك أسئلة مركزة ومحددة ينبغي أن توجهها لنفسها قبل اتخاذ قرارها النهائي بالموافقة، من أهمها ما يتصل مباشرة بالأخلاق والاتزان في السلوكيات، وكيفية تعامل الشاب مع من يحيطون به في جميع المجالات". وعن هاجس المستقبل الذي ينتاب العديد من الفتيات ورغبتهن في تأخير الإنجاب للسنة الأولى من الزواج قالت: إن "الظروف التي تحاصر الفتيات ليست سهلة جراء التجارب المريرة التي مرت بها العديد من الزوجات، وانتهت بالطلاق وتشتت الأبناء، ومن الطبيعي أن تلك الأحداث السيئة لا بد وأن تترك أثرا ولو بالنزر القليل بعد الارتباط".