واحدة من أكبر النكات في مؤتمر "أمن الإنترنت" أو "أمن الفضاء السبراني" في لاس فيغاس الأمريكية لهذا العام هي أنه "لا يوجد شيء اسمه أمن الإنترنت.. فلا يوجد نظام آمن 100 في المائة، ولا يوجد شفرة لا يمكن اختراقها. قال الكاتب والمتحدث الدائم في مجال أثر التقنيات الجديدة على المجتمع، ريتشارد ثيمي: "في الواقع إن أمن الإنترنت أمر مثير للغثيان.. فخبراء الأمن يشعرون بالقهر لأنهم لا يستطيعون تحقيق الأمن." ومع ذلك فإن الشركات المتخصصة في مجال أمن الإنترنت ومكافحة الفيروسات تعلن عن أنها تستطيع حماية الشركات والوكالات والمستخدمين العاديين. في الواقع، لم يتمكن أي برنامج لمكافحة الفيروسات من مكافحة كل الهجمات، وكل يوم تعلن شركة أو مؤسسة حكومية جديدة عن تعرضها للاختراق الأمني عبر الإنترنت. وقال ثيمي في مؤتمر "بلاك هات" لأمن الفضاء الإلكتروني: "صناعتنا برمتها قائمة على التواري والغموض.. وما لدينا هو شيء محطم في أساسه.. فكتابة الشفرات والأكواد هو خيار الإنسان الساذج، لذلك كيف يمكننا استخدام كلمة 'أمن' عندما لا نعني ذلك؟" ومع ذلك يقول ثيمي إن هذا لا يعني أن كل شيء بات غير أمن بالمطلق، "فالعاملون في مجال أمن الإنترنت يكذبون على أنفسهم بشأن الكم والكيفية التي يوفرون بها الحماية.. إنهم سيؤون فيما يتعلق بالتقليل من المخاطر ولكنهم جيدون للغاية فيما يخص إثارة المخاوف عن طريق التظاهر بأن كل شيء أمن." كذلك فإن هذه الشركات وهؤلاء الخبراء يقومون بدعاية حول تلك "الخرافة" ويروجون لها أمام العامة عن طريق رفض مناقشة مدى "اختراقهم" بشكل علني. فمثلاً، أعلنت شركة "انتل" المالكة لشركة "مكافي لمكافحة الفيروسات" مؤخراً أن 72 منظمة تعرضت لهجمات إلكترونية، غير أن الشركة رفضت الكشف عن أسماء الضحايا، لأن أياً منها رفضت كشف هويتها للعامة. هذه واحدة من المشكلات، بحسب ما يقول ثيمي، لأنها تعزز الرواية الكاذبة بأن عالم الإنترنت آمن أساساً، وأن كل شيء سيعود لطبيعته في نهاية المطاف. وأضاف أنه عندما تبدأ الشركات والمؤسسات تتحدث بصورة علنية وتنطق بالحقيقة، بشأن ما لديها من قصور داخلي وخارجي، فإنها تستطيع مواجهة التحديات الحقيقية التي تواجهها.