تعهد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أمام حشود ضخمة من مؤيديه في صنعاء الجمعة بالتضحية (بالغالي والنفيس من اجل الشعب)، فيما دعته المعارضة إلى (تضحية وحيدة) وهي أن يتنحى عن الحكم. وقال صالح في ميدان السبعين القريب من القصر الرئاسي (أتعهد لكم أنني سأفدي هذا الشعب بالروح وبالدم). وأضاف (سأضحي بالدم والغالي والنفيس من اجل جماهير شعبنا اليمني العظيم). وتوجه الرئيس اليمني الذي يحكم البلاد منذ 32 عاما، بالشكر إلى مؤيديه الذين احتشدوا في ميدان السبعين وفي ساحة التحرير وسط صنعاء. وتابع (لن أرد على أحد لكن الشكر والتقدير للأبناء الشباب والشابات ولكل جماهير شعبنا). إلا أنه تمنى على المعارضين له أن (يكون خطابهم حصيفا ومسؤولا يخاطبون به الجماهير دون أن يتلفظوا بألفاظ غير مسؤولة). وقال المتحدث باسم المعارضة محمد الصبري لقناة العربية ردا على كلمة صالح أن (الشعب يريد منه تضحية واحدة، وهي أن يتنحى). ويواجه الرئيس اليمني منذ نهاية كانون الثاني/يناير حركة احتجاجية تطالب بتنحيه عن الحكم، انضم اليها عشرات الضباط والمسؤولين السياسيين والدبلوماسيين. وتحدث صالح اليوم فيما كان آلاف المحتجين يواصلون اعتصامهم المستمر منذ 21 شباط/فبراير في ساحة قريبة أمام جامعة صنعاء أطلقوا عليها اسم (ساحة التغيير). وكان يفترض أن ينظم المناوئون للرئيس اليمني الجمعة (يوم الزحف)، في إشارة إلى إمكانية تقدمهم نحو القصر الرئاسي، إلا أنهم تخلوا عن هذه الخطوة وفضلوا التوسع في اعتصامهم نحو أماكن محيطة بجامعة صنعاء. وبدا التوتر واضحا اليوم في شوارع صنعاء التي انقسمت إلى منطقتين، منطقة شمالية تجمع فيها المطالبون برحيل صالح، وأخرى جنوبية تمسك المحتشدون فيها بالرئيس. وتضاعفت حواجز الجيش والقوات الأمنية الأخرى عند مداخل الساحات المؤدية الى التظاهرات، وأتخذت إجراءات أمنية غير مسبوقة بدت معها شوارع رئيسية في العاصمة مغلقة بالكامل، فيما انتشرت دبابات وآليات عسكرية حول المدينة. وعند مداخل (ساحة التغيير) أمام جامعة صنعاء، نصبت وحدات الجيش التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر المنضم إلى المحتجين، حواجز لتفتيش الداخلين. وعلى بعد حوالي ثلاثة كيلومترات أقامت الشرطة من جهتها حواجز عند مداخل التجمع المؤيد للرئيس اليمني في ساحة التحرير وسط العاصمة، وكذلك عند مداخل ساحة السبعين القريبة من القصر الرئاسي. وقال رجل دين في خطبة الجمعة في ساحة التحرير إن (هذه الملايين التي اتت من كل المحافظات جاءت لتقول نعم للامن والاستقرار نحن مع الشرعية الدستورية ولا للانقلاب على السلطة). وأضاف (هذا هو الرد العملي لكل من ينادي بالزحف هذه هي الغالبية الصامتة). وظلت الحشود تتوافد حتى بعد انتهاء الصلاة. وكان المشاركون في التظاهرات المؤيدة لصالح يرددون (الشعب يريد علي عبدالله صالح) و(بالروح بالدم نفديك يا علي). وردد المتظاهرون في (ساحة التغيير) من جهتهم شعارات مناوئة للرئيس اليمني بينها (يا علي صالح يا كذاب، في اليمن ما في إرهاب)، في إشارة إلى التحذير المتواصل لصالح من تنظيم القاعدة. وقال رجل دين أمام المحتجين (اصمدوا حتى يرحل هذا النظام الفاسد). وأكد رئيس حركة (شباب 3 فبراير) عادل الوليبي لفرانس برس أن (أعداد المتظاهرين اليوم تخطت تلك التي سجلت في تظاهرات سابقة، ونحن على كل حال سنواصل الضغوط من خلال اعتصامنا وسنحاول التوسع نحو مناطق جديدة). وتابع أن (ردنا على الرئيس سيكون في الميدان ونحن سنقدم أرواحنا في سبيل تحقيق الحرية والكرامة وطرد كل فاسد). وشدد على أن صالح (مشهور بالرئيس الكذاب وليس لكلامه أي أهمية). وأطلق المحتجون على الجمعة (يوم الخلاص)، فيما اسماه الموالون (يوم الإخاء) و(يوم الوفاء). وكان يخشى أن تقع مواجهات بين الطرفين في صنعاء حيث تنتشر قوات الجيش الموالية للأحمر في مواجهة قوات الحرس الجمهوري التي يقودها نجل الرئيس اليمني، احمد، وذلك بعد أسبوعين على مقتل 52 شخصا في مكان الاعتصام. وقد نظمت اليوم تظاهرات أخرى في مناطق مختلفة من اليمن خصوصا في الجنوب، وبينها مسيرات للمطالبة بإسقاط النظام في تعز وعدن واب والحديدة حيث وقعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، بحسب ما افاد شهود عيان فرانس برس. وكانت السلطات البريطانية حثت رعاياها على مغادرة اليمن فورا، محذرة من أن الوضع قد يعيق إمكانية إجلائهم. وأشارت وزارة الخارجية البريطانية في (نصائح إلى المسافرين) إلى أن الوضع في اليمن (يتدهور سريعا) وان تظاهرات اليوم قد تؤدي إلى مواجهات عنيفة.