للأسبوع الثاني على التوالي، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء عقب صلاة الجمعة أمس تظاهرتين ضخمتين متقابلتين شارك فيهما مئات آلاف المواطنين، ودعت أولاهما الى تنحي الرئيس علي عبدالله صالح فيما تمسكت الثانية ببقائه، وسط تجدد المخاوف المحلية والدولية من اندلاع صدامات بين الطرفين. واحتشد انصار الرئيس الذين قدموا من مختلف المحافظات اليمنية في ميدان السبعين القريب من دار الرئاسة، في مقابل مئات الآلاف من المعتصمين في ميدان التغيير قرب جامعة صنعاء. واطلقت المعارضة على يوم أمس تسمية «جمعة الخلاص» بينما سمتها الموالاة «جمعة الاخاء». وتضاعفت حواجز الجيش والقوات الامنية الاخرى عند مداخل الساحات المؤدية الى التظاهرات، واتخذت اجراءات امنية غير مسبوقة بدت معها شوارع رئيسية في صنعاء مغلقة بالكامل، فيما انتشرت دبابات وآليات عسكرية حول المدينة. وعند مداخل «ساحة التغيير» نصبت وحدات الجيش التي يقودها اللواء الركن علي محسن الاحمر المنضم الى المحتجين، حواجز لتفتيش الداخلين. وعلى بعد حوالى ثلاثة كيلومترات اقامت الشرطة من جهتها حواجز عند مداخل التجمع المؤيد للرئيس اليمني في ساحة التحرير وسط العاصمة، وكذلك عند مداخل ساحة السبعين القريبة من القصر الرئاسي. وتعهد صالح في كلمة مقتضبة امام مؤيديه التضحية «بالغالي والنفيس من أجل الشعب»، وأضاف: «أتعهد لكم أني سأفدي هذا الشعب بالروح بالدم، سأضحي بالدم والغالي والنفيس من أجل جماهير شعبنا اليمني العظيم». واضاف: «لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير لجماهير شعبنا على هذه المشاعر الطيبة والفياضة». وانتقد الرئيس اليمني خطاب المعارضة، معتبراً انه «غير مسؤول»، مضيفاً «أتمنى أن يكون خطابهم حصيفاً»، ونصح المناوئين له بأن «يخاطبوا الجماهير بدون أن يتلفظوا بألفاظ غير مسؤولة». وفي ساحة الاعتصام، حض خطيب الجمعة الدكتور طه المتوكل، أحد قيادات المعارضة، الرئيس على التنحي وأن «يترك الشعب وشأنه». وقال ان «هذا النظام سحب كرامة وإنسانية الإنسان، وزرع الكراهية والفتن بين أبناء الشعب اليمني». واتهم المتوكل نظام صالح ب «زرع بذور الفرقة والاحقاد بين أبناء الشعب الواحد»، مؤكداً ان «الثورة انتصرت على الفرقة والطائفية والمناطقية التي حاكها صالح طوال سنوات حكمه»، ودعا المعتصمين الى «الصبر والتحمل حتى يسقط النظام». على صعيد آخر، قتل شخص وجرح آخرون بينهم طفل وامرأة في مدينة لودر بمحافظة أبين الجنوبية، في قصف قالت مصادر محلية ان مصدره قوات من الجيش تابعة ل «اللواء 111» المرابط في المنطقة. إلى ذلك، دعت الولاياتالمتحدة وبريطانيا رعاياهما في اليمن إلى مغادرته فوراً، وقالت السفارة الأميركية في صنعاء في بيان أمس إن الوضع في البلاد يتدهور بشكل سريع، وأن التظاهرات قد تؤدي إلى مواجهات عنيفة، ودعت رعاياها إلى البقاء بعيداً من القصر الرئاسي ومسجد الصالح وميدان التحرير وجامعة صنعاء. وفي السياق ذاته، حضت وزارة الخارجية البريطانية رعاياها على مغادرة اليمن فورا في أعقاب ما وصفته بالتدهور السريع للوضع الأمني، متوقعة أن تؤدي الاحتجاجات إلى اشتباكات عنيفة. وقالت الوزارة في بيان لها أمس: «بالنظر إلى الوضع على الأرض فانه ليس من المرجح بشكل كبير أن تكون الحكومة البريطانية قادرة على إجلاء الرعايا البريطانيين أو تقديم المساعدة القنصلية في حال انهيار القانون والنظام بصورة اكبر وزيادة الاضطرابات المدنية العنيفة»، وطالبت البريطانيين بالرحيل طالما لا تزال شركات الطيران التجاري تسير رحلات جوية. اما فرنسا، فدعت مجددا السلطات اليمنية الى الوفاء بتعهداتها وحماية المتظاهرين كافة واتخاذ قرارات «على وجه السرعة» لاطلاق مرحلة انتقالية سلمية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو «لا بديل عن المرحلة السياسية الانتقالية التي دعت اليها السلطات اليمنية والمعارضة، والتي ينبغي ان تلبي تطلعات الشعب وتضمن السلم في اليمن ووحدته واستقراره».