جذبت مباريات كأس خليجي 20 اهتمام الراي العام اليمني، وصرفته عن الاهتمام بقضايا سياسية وامنية، ربما كانت تحتل صدارة انتباهه في الماضي، وبات لسان حال اليمنيين يرغب في استمرار فعاليات هذه الدورة بعد انتهاء موعدها، املا في الخلاص من الانشغال بإشكاليات معقدة. لا أخبار عاجلة خلال هذه الأيام قادمة من اليمن، الجميع مشغول بخليجي 20 المقام في عدن- أبين جنوب البلاد، فيتابع اليمنيون الشاشات كما لم يفعلوا من قبل، ربما تكون قنوات الأخبار هذه الأيام الأقل مشاهدة في اليمن، فالسياسيون تجمدت هواتفهم، وقاعات الحوار عشش الغبار على أخشابها، والحراكيون يحاولون خلق أي جو لمواصلة شغبهم، لكنهم لا يجدون سوى الاحتفال بخسارة منتخب اليمن أمام منتخبات "السعودية، قطر، الكويت". أمام الصحافيون الرياضيون سوقا رائجة هذه الأيام، أما حال صحفيي السياسة فهم الأقل حظا، فهناك جفاف أفكار وأحداث في ذات الوقت. ثُبات الحراك في الجنوب حراك نائم بفعل فاعل أو بفعل الكرة، لا فرق. يدور همس عن اتفاق مؤقت بين قوى الحراك مع السلطات للتوقف عن الفعاليات أثناء خليجي 20، قد يكون الأمر صحيحا، وقد لا يكون، غير أن الأهم هو غياب الفعاليات العملياتية والإعلامية لتنظيم القاعدة. في شمال الوطن وتحديدا في العاصمة صنعاء بردت كراسي الحوار في "معهد الميثاق الوطني" مع برد العاصمة صنعاء حاليا، لكن حرارة خليجي 20 تركت البرد لصنعاء وبقيت الأحزاب السياسية مركونة إلى وقت لاحق. لا حوار بين الحاكم والمعارضة، وهو في الأساس متوقف منذ إعلان الحزب الحاكم الذهاب إلى الانتخابات وحيدا، وذلك للهرب من الوصول إلى مرحلة الفراغ الدستوري. لا أحد يهتم بأحد حاليا، ولسان حال المواطن اليمني يهتف داعيا "اللهم أدم علينا كأس الخليج، وأطل أيامه". قليل من الأحداث في الشمال تزامنت مع وفاة بدرالدين الحوثي الذي تم تشييعه بالأمس لكن حظ الرجل في الإعلام كان قليلا، نظرا لمصادفة ذلك مع الحدث الرياضي الأبرز في اليمن. ربما أكثر ما يعكر الصفو حاليا هو الارتفاع الصامت لأسعار السلع والمواد الغذائية بدون أي سبب، خصوصا مع استقرارا الدولار منذ رمضان الفائت عند 214 ريال، إضافة إلى البرد الذي دخل بقوة على العاصمة صنعاء، ويتوقع أن تنزل درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر خلال الأيام القليلة القادمة. مجلس النواب يتابع جلساته بعد إجازة العيد ويلاحق الحكومة حاليا لطرح موازنة 2011، لكن الحكومة أيضا تساند المنتخب المنهار في عدن، لكن مع ذلك خيب المنتخب أمل الجميع. الجديد في العاصمة صنعاء هو الرسالة التي بعثتها بعض القوى الراديكالية بينهم النائب البرلماني المثير للجدل محمد الحزمي لرئيس الجمهورية، يعيبون عليه السماح للفتيات بالدخول إلى ملاعب خليجي 20. الحجة هي إن المشجعات يشاهدن اللاعبين وهم لا يرتدون ملابس محتشمة، أما الحجة الثانية، فهي إن المشجعين لا يصلون في الأوقات المخصصة للصلاة كون المباريات تقام في وقت صلاتي المغرب والعشاء. راحة من السياسة يتحدث ل لإيلاف عدد من الإعلاميين حول خليجي 20 وإيجابياته حاليا، إذ يقول الصحافي الرياضي منصور الجرادي إن "خليجي عشرين فعلا أراح النفوس اللاهثة وراء السياسة التي قتلت الجمال في نفوس اليمنيين". يضيف: "في حين كانت السياسة وأحداث القتل والتدمير هي الطاغية على المجالس وشاشات الأخبار في التلفزيون، بات خليجي عشرين الآن هو المتحكم بالمجريات، وباتت النظرة لليمن تؤخذ من زاوية التنافس الرياضي الخلاق والتنافس في تقديم الأفضل، من خلال لقاء الأحبة". ويتابع :"كان البعض يعتقد إن الأمور لن تجري على ما يرام، وفي الحقيقة كانت هناك محاولات كثيرة لوأد الفرحة، قبل البطولة وأثناءها، ولكن لأن الدولة أرادت أن تسيطر بإحكام على الأمن ومجريات الأمور نجحت في ذلك حتى اللحظة. من جانبها قالت المذيعة التلفزيونية منى الطشي ل "إيلاف" إن خليجي عشرين يعتبر فرصة تاريخية لليمن وتحديدا في الوقت الراهن ليثبت اليمن لكل دول العالم انه بلد الأمن والسلام، وأن الشعب اليمني شعب طيب ومضياف ومستعد مثله مثل كل شعوب العالم للاستمتاع بالرياضة وينجح في تنظيمها. ورأت منى إن بطولة خليجي عشرين عكست مدى حاجة الناس لمثل هذه الأحداث الرياضية واستمتاعهم بها ليبتعدوا قليلا عن هموم الحياة بكل أعبائها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا ما ظهر جليا من خلال التفاف الجمهور اليمني حول البطولة وتشجيعه لكل الفرق المشاركة فيه وأظهرت عدسة الكاميرات مدى فرحة الجمهور واستمتاعهم بهذا الحدث الرياضي الهام الذي جاء في وقته المناسب لينسى اليمنيون تلك الادعاءات الباطلة التي حاولت بعض وسائل الإعلام ان تروج لها من أن اليمن بلد إرهاب، وما إلى ذلك من الاتهامات التي أقلقت الناس وجعلتهم يعيشون في أجواء من الهم والقلق". وتعتقد منى الطشي إن هناك "هجمة إعلامية شرسة كانت موجهة لليمن بهدف تشويه صورة اليمن أمام العالم، وإظهاره بأنه البلد الحاضن للإرهاب ولتنظيم القاعدة قد هدأ منها هذا الحدث الرياضي الهام والذي يعكس مدى حكمة القيادة السياسية الممثلة التي أصرت على أن تحتضن اليمن هذه البطولة الرياضية الهامة، لعكس صورة طيبة عن اليمن ولتبين إن كل أبناء اليمن سواء في الشمال أو في الجنوب وقفوا صفا واحدا من اجل إنجاح هذه البطولة وتحقيق الأهداف التي أقيمت من اجلها".