لا تزال قضية "التشويش" الذي تعرض له بث قناة الجزيرة القطرية لمباريات كأس العالم 2010، مدار تبادل اتهامات بين الحكومة الأردنية من جهة، والفضائية القطرية من جهة أخرى، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما إذا كان الأمر سيتسع ليصل إلى زيادة التوتر في علاقات البلدين، التي لا تعتبر في أحسن حالاتها، بحسب مراقبين. فقد خيمت أجواء "التشنج" على القضية خلال الساعات الماضية، جراء تبادل الاتهامات بين الجانبين، وتحديداً بعد ساعات على نشر صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً حول حصولها على ما يثبت أن مصدر التشويش على "الجزيرة" خلال مونديال "جنوب أفريقيا 2010"، كان مصدره الأردن، ولكن المملكة نفت هذه الاتهامات بشكل قاطع، إلا أن الشبكة القطرية عادت لتؤكد أن تحقيقاً أجرته فرق دولية مختصة، خلص إلى نفس النتيجة، مشددة على حقها في المتابعة القضائية لمن تسبب في الاعتداء على حقوق مشاهديها. والأحد، عادت الأردن لتشدد على موقفها مجدداً، من خلال تصريح لمصدر حكومي تحدث لوكالة الأنباء الرسمية "بترا"، كما زاد المسؤول الأردني من نبرته، مهدداً بحق المملكة في ملاحقة كل من يسيء إلى سمعتها ومكانتها قضائياً، أمام المحاكم الدولية. وقال المصدر: "إن الحكومة، وإذ تؤكد نفيها القاطع لهذه الإدعاءات الباطلة وغير المقبولة، فإنها تدعو قناة الجزيرة لتقديم الدلائل التي تدعي امتلاكها لإثبات هذه الإدعاءات، وإرسال أي وفد تشاء من الخبراء المحايدين والمسؤولين في القناة لفحص الحقائق، حيث ستتعاون الحكومة مع مثل هذا الوفد بشكل كامل." وأضاف المصدر أن "الحكومة إذ تتخذ هذا الموقف من باب الشفافية الكاملة، وانطلاقاً من ثقتها ببطلان هذه الإدعاءات، فإنها لن تسمح لأي جهة كانت بالإساءة لسمعة الأردن وصورته، وإنها تحتفظ بحقها بالملاحقة القضائية لجميع المؤسسات والأشخاص الذين يسيؤون لسمعة الأردن ومكانته." وكانت وسائل إعلام أردنية دعت السبت الحكومة وشبكة الجزيرة الفضائية للاحتكام للجنة تحقيق محايدة، لكشف حقيقة التشويش الذي تتمسك الجزيرة بأن مصدره الأردن، فيما تتمسك الحكومة الأردنية بنفيها القاطع لهذه الاتهامات. وكانت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" قد نقلت الخميس عن مصدر مسؤول قوله إن "هذه الادعاءات باطلة وغير مقبولة"، كما أكد أن الحكومة الأردنية "مستعدة للتعاون مع أي فريق من الخبراء المحايدين لفحص الحقائق، وأنها واثقة بأن مثل هذا الفحص سيكشف بطلان هذه الادعاءات." وأعرب المصدر، الذي لم تكشف الوكالة الرسمية عن هويته، عن رفض الحكومة الأردنية أيضاً ل"التكهنات والآراء التي عبرت عنها مصادر في قناة الجزيرة لصحيفة الغارديان، حول رد فعل الأردن على فشل مفاوضات شراء حقوق البث الأرضي للمباريات." وأوضح المصدر "أن الأردن كان قد تحدث مع مسؤولين في قناة الجزيرة حول شراء حقوق البث قبل حوالي أربعة أشهر من انطلاق المباريات، لكن قناة الجزيرة لم تبدأ المفاوضات الفعلية إلا قبل أيام من انطلاق المباريات." وتابع المصدر قائلاً، إنه وقبل حوالي أربعة أيام من بدء مباريات كأس العالم، تقدمت الجزيرة بعرض لبيع حقوق البث الأرضي للأردن لعشرين مباراة تختارها هي، وأن معظم هذه المباريات من الدور الأول مقابل ثمانية ملايين دولار، والسماح ببث المباريات على شاشات كانت ستوضع في المناطق النائية والفقيرة، مقابل خمسين ألف دولار لكل شاشة عرض. وأشار المصدر إلى أن الحكومة رفضت هذا العرض لأنها اعتبرته "متأخراً جداً"، ولأن المباريات التي سمحت الجزيرة ببثها وعدد هذه المباريات، "لم يكن مناسباً"، وأضاف أن "الحكومة حافظت على سرية المفاوضات، ولم تفصح عن تفاصيلها، واستمرت بتعاملها المهني مع قناة الجزيرة ومكتبها بعمان." وكانت صحيفة الغارديان قد أوردت في تقرير لها صباح الخميس، أن التشويش الذي حدث على قنوات الجزيرة الرياضية خلال تغطيتها لكأس العالم الأخيرة، تم تعقبه واكتُشف أن مصدره الأردن. وبحسب الصحيفة فإن التشويش "أتى نتيجة غضب الأردنيين من عدم موافقة الجزيرة على إعطائهم حق بث المونديال أرضياً، ليتاح للجمهور الأردني مشاهدة المباريات مجاناً." محطة الجزيرة من جانبها، أكدت الخميس أنها تعاقدت مع شركات عالمية لتتبع مصدر الإشارة، وعبرت عن احتفاظها بحقها في المتابعة القضائية لمن تسبب في الاعتداء على حقوق مشاهديها، كما أشارت إلى أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "ألفيفا"، أصدر بياناً تضامنياً، أكد فيه مساندته للجزيرة مساندةً كاملة، في جهودها لتحديد موقع وهوية الأطراف المسؤولة عن التشويش المتعمد في بث مباريات كأس العالم 2010. ونقلت الجزيرة على موقعها الإلكتروني أنه "بحسب المعلومات السرية التي حصلت عليها الصحيفة المذكورة، فإن هناك وثائق تدل على أن مصدر التشويش كان من منطقة السلط الأردنية قرب العاصمة عمان، وذلك اعتماداً على تحليلات فريق تقني يعتمد تكنولوجيا خاصة بتحديد الأماكن الجغرافية." وبحسب الغارديان، فقد حدد الخبراء موقع التشويش بالإحداثيات التالية: 32.125 درجة شمالاً و35.766 درجة شرقاً، كما أشارت إلى اتهام الحكومة الأردنية ضمنياً بالوقوف وراء عملية التشويش، بقولها إنه "من غير المرجح أن يكون التشويش قد تم القيام به من دون معرفة السلطات الأردنية."