يسدل حارس القرن في قارة آسيا، وأسطورة الحراسة السعودية محمد الدعيع اليوم الستار على مسيرة حافلة بالعطاءات الفريدة، ومتوشحة بالإنجازات الاستثنائية، وذلك في المهرجان الكبير الذي يقيمه نادي الهلال تكريماً له، وذلك بمشاركة نادي يوفنتوس الإيطالي العريق، الذي سيحل ولأول مرة ضيفاً على استاد الملك فهد الدولي في العاصمة الرياض، وهو المكان الذي يحمل في ذاكرته جانباً مهماً من تاريخ (الأخطبوط)، إذ كان محطة مهمة في رحلة الإنجازات الحافلة التي شق طريقها؛ سواء مع المنتخب السعودي أو نادي الهلال. وحينما يودع محمد الدعيع عشاقه اليوم فإنه بذلك يطوي الصفحة الأخيرة في رواية الإبداع الطويلة والثرية التي خطها بأنامل من حرير، وصاغها بأحرف من ذهب، منذ أن أطل على المشهد الكروي قبل نحو ربع قرن، وحتى اللحظة التي خلع فيها قفازه ملوحاً بإشارة الوداع. تلك الرواية التي تحكي في فصولها العديد من المغامرات المثيرة التي بدأها (الفتى الحائلي) فعلياً في العام 1989، وهو لما يبرح السادسة عشرة من عمره يوم أن قاد المنتخب الوطني للناشئين لتحقيق أكبر إنجاز في تاريخ الكرة السعودية، وذلك بتحقيق كأس العالم التي استضافتها اسكوتلندا في ذلك العام، ليخط من خلال تألقه في تلك البطولة العالمية، وحسمه للعديد من مبارياتها مرحلة جديدة في عمر كرة القدم الخضراء، وهي مرحلة العالمية له وللكرة السعودية معاً. وهي المرحلة التي تجلت في وصول المنتخب السعودي الأول لمونديال الولاياتالمتحدة عام 1994، لأول مرة في تاريخه، والذي كان محمد الدعيع أحد عرابيه، بل أحد العلامات الفارقة فيه، حيث اختير من بين أحسن 10 حراس مرمى في ذلك المونديال، بعد نجاحه في قيادة (الأخضر) لدور ال16، وهو الإنجاز الأقوى للمنتخب السعودي في كافة حضوره العالمي، لتتواصل فصول الإثارة بعده وحتى اليوم الأخير في مسيرته، وهي الفصول التي تحكي قصته مع المونديالات الأربعة التي شارك فيها، ومع البطولات الكبرى التي حققها بقميصيه الأخضر والأزرق، وعن انجازاته المتفردة التي توجته حارس القرن في القارة الصفراء، وأحسن من حمى الشباك فيها، وثامن أفضل حراس المرمى في مونديال فرنسا 1998، فضلاً عن لقبه الكبير والذي سيطر عليه لسنوات طوال وحتى اعتزاله كعميد للاعبي العالم والذي حازه في العام 2006 ولا زال رغم اعتزاله اللعب دولياً، وبين كل ذلك ألقاب وإنجازات لم يحزها غيره. ويبدو أن محمد الدعيع الذي ظل سخياً مع الجماهير السعودية بكافة ميولها وانتماءاتها بإبداعه وإنجازاته، حتى أصبح أحد الأناشيد الأجمل على ألسنتها، يأبى إلا أن يقدم هداياه الجميلة لها؛ حتى وهو يقف على عتبة الوداع، إذ أصرّ إلا أن يكون مهرجان اعتزاله استثنائياً كما هو مشواره، وذلك بمشاركة فريق عالمي، تشرئب له الأعناق، وتتسابق إليه الخطى، وهاهو يفعل ذلك بحضور فريق "السيدة العجوز"، وهو النادي الذي يحظى بشعبية جارفة في العالم من شرقه إلى غربه، بنجومه الكبار يتقدمهم الحارس الشهير جانولويجيبوفون، والنجم الكبيرديلبييرو، بالإضافة إلى لوكاتوني،وأندريابيرلو،واليساندروماتري،وكلاوديوماركيزيو. وإلى جانب هؤلاء اللاعبين ستكون الجماهير السعودية عموماً، والهلالية خصوصاً على موعد مع أبرز لاعبي الأندية السعودية حالياً، فضلاً عن مشاركة بعض من اللاعبين الأجانب الذين شاركوا الدعيع إنجازاته بالقميص الأزرق كالروماني ميريل رادوي، والسويدي ويلهامسون، والليبي طارق التايب، فضلاً عن مشاركة النجم ياسر القحطاني، ليكون المهرجان بمثابة المسك الذي يحلو به الختام.