للحكم على نجاح او فشل مشروع الكليات التقنية والمعاهد والكليات المتفرقة التابعة للجامعات المحلية فقط علينا ان نقارن الأهداف التي من اجلها وضعت هذه الكليات وصرفت لها الميزانيات الضخمة والإمكانات الكبيرةمع الناتج العلمي والاقتصادي الحقيقي لمخرجات هذه المؤسسات التعليمية والتدريبية .. بالتركيز على مشروع الكليات التقنيه المنطوي تحت غطاء المؤسسه العامه للتدريب التقني والمهني ، فإن الهدف الرئيسي لهذه الكليات هو تخريج الدفعات المتتالية للطلاب بعد ان يكونوا قد امضوا فتره دراسية ممتزجة بالتدريب النظري والعملي الذي يؤهلهم للدخول في معترك العمل في القطاع الخاص في المملكة ، بعيدا عن التدريس والنهج الأكاديمي الذي يقدم في الجامعات ، وذلك باعتماد المقررات الدراسية والآليات التدريبية التي تتلائم مع احتياجات السوق السعودية ، ومن ثمّ الزج بهم داخل السوق السعودي المكتظ بعشرات الآلاف من الشركات والاستثمارات المحليه و الأجنبية والتي تلقى كل الدعم من الجهات الحكومية ، بحيث يكون الخرّيج مؤهل تماما (علميا وفكريا ونفسيّا ) للعمل في إحدى هذه المنظومات وان يكون على دراية تامة بطبيعة تخصصه او بوجهته المستقبليه التي يحدد ملامحها تخصصه في هذه الكليات .ولهذا الغرض وجد الإختلاف بين (دبلوم ) الكليات التقنية و(بكاليريوس ) الجامعات . لو ربطنا بين بيئة العمل والثقافة العامه التي تخيّم على اجواء القطاع الخاص في المملكه او أي بلد آخر حول العالم وبين الأجواء التي يعيشها طلاب الكليات التقنيه اثناء دراستهم او فترة تدريبهم او بعد تخرجهم لوجدنا تنافر عظيم بين كلا البيئتين ، ولوجدنا انه ليس ثمة شيء يربط بين احتياجات السوق ومخرجات الكليات ، فلا المقررات تعانق متطلبات السوق ، ولا مستوى التدريب يحاكي حاجة التوظيف ، ولا عقليّة الخريج قادرة على استيعاب ابسط ما يدور في فلك الاقتصاد والمال والأعمال ، خصوصا إننا نعيش طفرة معلوماتية وتوسع اقتصادي رهيب ، حيث لا لوم على عاتق الطلبه أو الخرّيجين ، قدر ما هو على عاتق المؤسسه العامه للتدريب الفني والتقني ، التي لم تحسن دراسة السوق ، ولم تعرف ما هو الفرق بين التعليم التأهيلي التدريبي والتعليم الأكاديمي ، ومازالت وستبقى عاجزة عن اداء دورها في مساعدة الشباب ومسؤوليتها في مكافحة البطالة (( حالها كحال معظم الجامعات السعودية )) . يبقى القول .. أن الجهه الأكثر توظيفا وتوفيرا لفرص العمل في وقتنا الحالي هو القطاع الخاص وليس القطاع الحكومي ، وفي حال أحسنت الجهات التعليمية ومنها الكليات التقنية التعامل مع الكم الهائل للاستثمارات في المملكة ، واستطاعت أن تدرس وتفتّش عن ما يجدي فعلا من مقررات ومناهج تعليمية وخطط تدريبيه تناسب الحاجة التوظيفيه في القطاع الخاص ، فإننا حتما سنرى البطالة تختفي وتتلاشى وسيتحول القطاع الخاص إلى واحه يقصدها الجميع . أما ان استمر الوضع على ما هو عليه ، فعلينا أن نستعد لاستقبال أجيال (( عاطلة ، متشائمة وجاهلة )) لا قدر الله … أخيرا : لا “حافز” قادر على وأد البطالة ، ولا نزاهة قادرة على إنجاب بيئة بلا فساد ، ما لم يكن لدينا أساس تعليمي قوي ومعاصر ، ومقررات تناسب حاجة العقول . صوره مع التحية الى مسؤولي الكليات التقنيه ….. كاتب صحيفة نجران نيوز الالكترونية