أظهرت نتائج دراسة مسحية حديثة صدرت مؤخراً عن المركز السعودي لكفاءة الطاقة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن المشكلة في هدر استهلاك الطاقة بالمملكة تعود بالدرجة الأولى إلى القصور المعرفي لدى المواطنين بطرق الترشيد المثلى، بالرغم من وجود الاتجاهات الايجابية لدى العديد منهم والرغبة في تعديل سلوكياتهم، واتباع طرق ترشيد استهلاك الطاقة . واتضح من خلال نتائج هذه الدراسة التي أجريت على عينة عشوائية بلغت أربعة آلاف مواطن ومواطنة من مختلف مناطق المملكة، مدى حاجة المجتمع لتكثيف حملات ورسائل التوعية بترشيد استهلاك الطاقة، مع التركيز على الجوانب المعرفية في حملات التوعية الإعلامية التي تنفذها الجهات المعنية بشؤون استهلاك الطاقة في المملكة العربية السعودية . وبينت هذه الدراسة بجلاء الجوانب المعرفية والاتجاهية والسلوكية للمواطن حيال ترشيد الطاقة ورفع كفاءة استهلاكها، وهو ما سيسهم بشكل فعال في استهداف نقاط الضعف لدى الوعي العام، وتكوين الاتجاهات الإيجابية، والمواقف السلوكية من خلال حملات وبرامج التوعية الإعلامية التي ينفذها المركز السعودي لكفاءة الطاقة بشكل منتظم ومبني على أسس علمية ومعطيات مستمدة من هذه الدراسة . واستخدمت هذه الدراسة أحد أهم وأشهر نماذج المسوح الميدانية العلمية التي يعتمد عليها لتنفيذ تحليل متكامل للموقف، والذي يعد الأساس لتصميم أي حملة إعلامية توعوية، ويسمى هذا الأنموذج البحثي مسح المعرفة والاتجاه والممارسة، ويهدف لمعرفة ماذا يعرف الجمهور المراد دراسته؟ وكيف يشعر؟ وكيف يتصرف نحو موضوع معين؟ وبقدر ما يكون مفيداً لتصميم الحملة الإعلامية التوعوية، فهو مفيد أيضاً بعد انتهائها إذ يمكن الاعتماد على النموذج نفسه لدراسة الوضع بعد انتهاء الحملة . وأوصت الدراسة التي أعدها أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود الدكتور عبداللطيف بن دبيان العوفي المتخصص في الحملات الإعلامية بضرورة استخدام الإعلام الجديد في برامج وحملات التوعية، حيث أضحى انتشاره كبيراً بين جميع فئات المجتمع وشرائحه العمرية، وقد بينت الدراسة انتشار الانترنت في المجتمع السعودي بنسبة 83%، كما أفاد 53% من أفراد عينة الدراسة باستخدامهم الفيسبوك بشكل يومي، بينما بلغ عدد مستخدمي التويتر 45% يومياً . وأشار الباحث إلى أن ما يقارب نصف العينة لا يعرفون وقت ذروة استهلاك الكهرباء في المملكة، حيث تعد هذه نسبة عالية تحتاج إلى تضمينها في برامج التوعية، كما يرى ما يقارب 51% بان استهلاكهم للكهرباء في منازلهم يعد مرتفعاً، ويؤمن 64% من أفراد العينة بأهمية استخدام العزل الحراري عند البناء . وحول أحد أهم المؤشرات المعرفية في هذه الدراسة وهي بطاقات كفاءة الطاقة التي يمكن عن طريقها معرفة مدى استهلاك الجهاز أو الآلة للكهرباء، اتضح أن 72% من الجمهور لا يعرف ماهية البطاقة وأهميتها ولا دورها في تحديد حالة الجهاز وكفاءته في استهلاك الطاقة، مقابل 28% فقط يعرفون ماهيتها ودورها في تعريف المستهلك بكفاءة الجهاز . وفيما يتعلق باستخدام وسائل وطرق الترشيد، بينت الدراسة أن ما يقارب من 57% يحرصون بشكل عملي على ترشيد الطاقة، مقابل 20% لا يفعلون ذلك، و24% لا يعرفون، وأكد 43% أنهم قاموا بعمليات العزل الحراري عند بنائهم لبيوتهم مقابل 19% لم يفعلوا ذلك، كما بين 56% من أفراد العينة أنهم لا يتركون مكيف الهواء في وضع التشغيل إذا كانوا خارج الغرفة مقابل 33% يتركونه في وضع التشغيل . وكشف العديد من أرباب المنازل عن معاناتهم من ارتفاع فاتورة الكهرباء شهرياً على الرغم من مطالبتهم لأسرهم بترشيد الكهرباء، كما يحرص 51% على متابعة صيانة الأجهزة الكهربائية في المنزل، كما ذكر 55% منهم أنه ينظر عند شراء الأجهزة للسعر والصناعة دون آي شي آخر، في حين يعتمد 43% من العينة على أقوال البائع وتسويقه لبضاعته . ودللت الدراسة على الأهمية البالغة والدور الكبير للأم في قضية التوعية بترشيد استهلاك الطاقة والدور المحوري الذي تؤديه في المنزل، إذ ذكرت العديد من ربات المنازل اللاتي أجبن على الاستبيان حرصهن ومتابعتهن بأنفسهن عملية إطفاء المكيفات والإضاءة بنسب 81% و 79% على التوالي، كما أكد 79% منهن على مطالبتهن الأولاد بترشيد استهلاك الطاقة، وأفصح 70% انهن يراقبن الخدم في كيفية استخدام الطاقة . وأوصت الدراسة بضرورة تجديد وتحديد الأنظمة واللوائح والقوانين الخاصة بترشيد الطاقة بما يخدم المجتمع، وذلك عطفاً على تجارب الدول الأخرى، كما أنه من الأهمية إعطاء المواصفات والمقاييس عناية خاصة في الأجهزة بالشكل الذي يسهم في ترشيد الطاقة، مع الاهتمام بوضع برامج تدريبية لترشيد الطاقة موجهة للجهات الحكومية والقطاع الخاص، فضلاً عن حث الجهات المختلفة على الاهتمام بإحداث إدارات تختص بترشيد الطاقة مع توضيح العوائد المادية التي تتحقق لدى الجهات التي تعتمد هذا التوجه .