كشف الدكتور نايف بن محمد العبادي مدير عام المركز السعودي لكفاءة الطاقة بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن أعلى معدلات الاستهلاك في المملكة تتركز في مناطق الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية، وأن المركز يعمل حاليا على إعداد برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة. وأكد العبادي خلال حواره ل»المدينة» أنه لا يوجد هناك أي تداخل في المهام والمسؤوليات في مجالات الطاقة بل يوجد هناك تنسيق وتوحيد للجهود بين الجهات المعنية بقطاع الطاقة في المملكة، وذكر أن المركز يعمل على تنفيذ اختبارات رسمية لتأهيل مديري الطاقة في الجهات الحكومية والقطاع الخاص، واستكمال مشروع نظام إدارة الطاقة.. وفيما يلي نص الحوار.. ** بداية كيف تقيمون مستوى وعي المواطن حول ترشيد استهلاك الطاقة بشكل عام؟. لا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى إجراء دراسات مسحية دقيقة تكشف عن مستوى وعي المواطن بترشيد الطاقة والكهرباء، وهذا ما تم عمله مؤخرًا، فقد أنهى المركز السعودي لكفاءة الطاقة دراسة مسحية تحليلية لمعرفة مدى وعي المواطن واتجاهاته وسلوكياته حول قضايا ترشيد الطاقة والرفع من كفاءة استهلاكها على مستوى المملكة بمناطقها وشرائحها الاجتماعية المختلفة، حيث كشفت هذه الدراسة عن العديد من الجوانب المعرفية والاتجاهية والسلوكية للمواطن حول هذه القضية، وهو ما يساعد في استهداف نقاط الضعف في الوعي العام، وتكوين الاتجاهات الايجابية والمواقف السلوكية، من خلال حملات وبرامج التوعية المبنية على أسس سليمة مستمدة من نتائج الدراسة، كما بينت هذه الدراسة وجود اتجاهات ايجابية سلوكية لدى المواطنين نحو ترشيد الطاقة، وإن كان يعوزها الجوانب المعرفية والآليات السلوكية للترشيد. خدمات المركز وما هي الخدمات التي يقدمها المركز السعودي لكفاءة الطاقة للجهات الحكومية الأخرى وكذلك القطاع الخاص في الجانب التوعوي؟. يعمل المركز السعودي لكفاءة الطاقة حاليًا على إعداد برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والخطط اللازمة لذلك، كما يقدم المركز خدمات تدقيق الطاقة وتطوير معايير استخدامها للجهات الحكومية والقطاع الخاص، كما يهتم المركز بالتدريب الإداري والفني في مجالات ترشيد ورفع كفاءة الطاقة، فضلًا عن عقد الورش التدريبية المكثفة سواء في الجهات الحكومية أو بالتعاون مع الغرف التجارية في مختلف مناطق المملكة. كما أن المركز نفذ مؤخرًا سلسلة من الدورات التدريبية في مجال تدقيق الطاقة في عدد من مدن المملكة بدأت في الثاني عشر من مايو الماضي وتنتهي في الثالث من شهر أكتوبر القادم، وذلك بهدف تأهيل المهندسين السعوديين في مجال تقييم وضع استهلاك الطاقة في المباني والمصانع والمنشآت، وبيان الفرص الممكنة لتقليل استهلاك الطاقة، مع عرض التجارب العالمية في هذا المجال. لا تداخل هل هناك تداخل في المهام والمسؤوليات بينكم وبين الجهات الحكومية المعنية بقطاع الكهرباء والطاقة؟. ليس هناك تداخل في المهام والمسؤوليات بل يوجد تنسيق وتوحيد للجهود بين الجهات المعنية بقطاع الطاقة في المملكة، وهو الهدف الرئيسي الذي من أجله صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 363 وتاريخ 24/11/1431ه بإنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة بهدف ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية وغير الحكومية في هذا المجال؛ ولتحقيق هذا الهدف ولضمان استمرارية التنسيق وتوحيد الجهود فقد تم تشكيل لجنة إدارية تتولى الإشراف على المركز السعودي لكفاءة الطاقة برئاسة رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وعضوية عدة جهات. الأكثر استهلاكًا *أي المناطق والمدن تعتبر الأعلى في استخدام الطاقة من بين جميع مدن ومناطق المملكة؟. في الواقع تعتبر المناطق ذات الاستهلاك الأعلى على مستوى العالم هي المناطق ذات التركيز السكاني والصناعي الكبير، وفي المملكة نجد أن أعلى معدلات الاستهلاك تتركز في مناطق الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية، وهناك عامل آخر يزيد من معدلات استهلاك الطاقة وهو النمو السكاني الكبير وتزايد الهجرة إلى هذه المناطق من راغبي العمل، فضلًا عن أن هذه المناطق تتميز بارتفاع معدلات الحرارة في فصل الصيف، وبالتالي زيادة استهلاك المواطنين والمقيمين من الكهرباء والطاقة بشكل عام. وما أبرز التحديات التي تواجه المركز وما الذي رصده أثناء عمله في الفترة الأخيرة؟. تكمن أبرز التحديات التي تواجه المركز في تعزيز الوعي الاجتماعي حول أهمية ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، حيث يلزم أن تكون هذه الحملات مستمرة ومتواصلة على مدى سنوات، وذلك بالتأكيد يحتاج إلى كوادر مؤهلة وموارد مالية كبيرة يتم رصدها لهذه الحملات لتحقق الانتشار المطلوب وتوصيل الرسائل عبر كل قنوات الاتصال والتواصل مع الجمهور، واختيار المناسب من القنوات الإعلامية ووسائل الاتصال والتقنيات الحديثة في وسائل الإعلام، كذلك اختيار الرسائل المناسبة التي تناسب كل أفراد المجتمع وتحقق التأثير المطلوب. وما هي أبرز المهام والمشروعات التي يعمل عليها المركز؟. من أبرز المهام والمشروعات التي يسعى المركز السعودي لكفاءة الطاقة لتنفيذها نشر الوعي بأهمية ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وقد بدأ المركز منذ فترة تنفيذ حملات توعوية موجهة إلى فئات محددة في المجتمع إذ نفذ حملات توعية مكثفة استهدفت مائة وخمسين ألف طالب وطالبة في المرحلة الابتدائية بمدارس الرياض والخرج والمنطقة الشرقية وذلك في المرحلة الأولى. كما تم في المرحلة الثانية استهداف ثلاثمائة ألف من الطلاب والطالبات لنفس المرحلة في المنطقة الغربية، ومن المقرر بمشيئة الله تعميم الحملة على جميع مناطق المملكة، حيث سيتم استهداف 50% من إجمالي عدد طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية البالغ عددهم (2,2 مليون طالب وطالبة) وذلك عبر عدة مراحل، إضافة إلى ذلك أطلق المركز السعودي لكفاءة الطاقة حزمة من البرامج والفعاليات والأنشطة ضمن حملة توعوية مكثفة لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة تستهدف كل فئات المجتمع في أبرز مناطق المملكة، وذلك بالتزامن مع موسم الصيف الحالي الذي يشهد تزايد الطلب والاستهلاك على الطاقة الكهربائية بشكل أصبح يشكل ضغطًا كبيرًا على قطاع الكهرباء، لاسيما مع وصول درجات الحرارة إلى معدلات كبيرة. وانتهج المركز عددًا من الوسائل والأدوات المشوقة التي تتناول فكرة ترشيد الطاقة بأسلوب يساهم في غرس مفاهيم الترشيد، من خلال مجسم ضخم لمكيف يطوف المدن الرئيسية في المملكة، حيث تم التركيز على جهاز المكيف باعتباره يستهلك ما يقارب 70% من الطاقة الكهربائية في المنزل .وتضمن مجسم المكيف معرضًا توعويًا، يقدم معلومات وحقائق وإحصاءات عن سبل ترشيد استهلاك الطاقة، كما قدم تعريفًا عن مفهوم بطاقات كفاءة الطاقة التي يمكن للمستهلك من خلالها معرفة كفاءة الأجهزة الكهربائية، وكذلك تم تزويده ببعض المطبوعات والنشرات التوعوية حول أفضل السبل لترشيد الطاقة في الأجهزة المنزلية. *وماذا عن دوركم في توعية أهمية الترشيد في الجامعات والكليات؟. من ضمن جهود المركز السعودي لكفاءة الطاقة إقامة ورش عمل مكثفة في عدد من الجامعات والكليات للتعريف والتوعية بأهمية ترشيد الطاقة الكهربائية لمصلحة البلد والأجيال القادمة، فضلًا عن التدريب الإداري والفني في مجالات ترشيد ورفع كفاء الطاقة، مع عمل اختبارات رسمية لتأهيل مديري الطاقة في هذه الجهات، وعقد الورش التدريبية المكثفة سواء في الجهات الحكومية أو بالتعاون مع الغرف التجارية في مختلف مناطق المملكة، وبشكل عام فإن مهام وأعمال المركز الرئيسية تتركز في تطوير السياسات والأنظمة واللوائح المنظمة لاستهلاك الطاقة ودعم تطبيقها، ودعم تكامل جهود الجهات المعنية برفع كفاءة استهلاك الطاقة والتنسيق فيما بينها، وتعزيز الوعي الاجتماعي والرسمي العام في مجال ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، والمشاركة في تنفيذ بعض المشروعات الريادية التي تتطلب مشاركة المركز. مشروعات مستقبلية • وماهي أبرز المشروعات المستقبلية لكم؟. من أبرز المشروعات المستقبلية التي يسعى المركز لتطبيقها استحداث جائزة ترشيد الطاقة ورفع كفاءة استخدامها وذلك بهدف تعزيز نشر أنشطة ترشيد الطاقة من خلال إعلان وتكريم الأمثلة الناجحة لأحسن الأفكار والتجارب والتطبيقات والمشروعات في مجال ترشيد استهلاك الطاقة، حيث تم تصنيف الجائزة إلى ست فئات تشمل أفضل مبنى حكومي أو خاص، أفضل طريقة أو تقنية لإزاحة الحمل الذروي، أفضل مصنع، أفضل منتج أو تقنية، أفضل تاجر تجزئة، أفضل مدرسة وجامعة. ومن المشروعات المستقبلية تنفيذ اختبارات رسمية لتأهيل مديري الطاقة في الجهات الحكومية والقطاع الخاص، واستكمال مشروع نظام إدارة الطاقة الذي يهدف إلى تعزيز ترشيد استخدام الطاقة في المملكة العربية السعودية من خلال إدارة وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المباني والمصانع، كما سيعمل المركز على وضع المواصفات القياسية للأجهزة، والمعدات، ونظم الإضاءة، ووسائل النقل، وغيرها بما يحقق ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتفعيل أنشطة الترشيد المتعلقة بكفاءة الطاقة لتصميم وإنشاء المباني الجديدة، وكذلك يأمل المركز في بناء قواعد البيانات ونشر المعلومات المتعلقة بكفاءة استهلاك وإنتاج الطاقة بالمملكة لتكون مرجعًا معتمدًا للجهات المعنية، إضافة إلى هذه الجهود يتطلع المركز إلى استمرار الحملات التوعوية وتطويرها لتشمل أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع وذلك عبر حملات إعلامية وطنية منظمة ومدروسة.