تركزت فعاليات اليوم الأول من لقاء الصناعيين، الذي تنظمه غرفة المنطقة الشرقية، على الطاقة ودورها في إنعاش القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية، وفيما ألمح مشاركون إلى تنامي استهلاك الطاقة عاماً بعد آخر، دعا آخرون إلى أهمية تعزيز مصادر الطاقة المتجددة، للتقليل من حجم استهلاك النفط في السوق المحلية. ويرعى وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة اليوم فعاليات اللقاء، الذي يقام تحت عنوان “الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة”. ويقدم نائب رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة الدكتور خالد السليمان عددا من المبادرات المهمة، فيما يخص المنطقة الشرقية حول الاستثمار في الطاقة. أعلن رئيس القطاع الشرقي في الشركة السعودية للكهرباء المهندس عبدالحميد النعيم أمس أن تطور الحمل الذروي السنوي للطاقة في المملكة يصل إلى 7 %، واصفا ذلك ب”الكبير” مقارنة ببعض الدول التي لا يصل حملها الذروي خلال سنوات إلى النسبة نفسها. وأضاف أن عدد المشتركين قفز إلى ستة ملايين مشترك في العام 2011 بفارق ثلاثة ملايين مشترك عن العام 2000 ، بنسبة نمو 6 %. وقال في حلقة النقاش الثانية من لقاء الصناعيين، في ورقة عمل حملت عنوان “تقييم ضرورة وأهمية كفاءة الطاقة” إن الشركة لديها مشروعات جديدة، ستتطلب توفير أحجام كبيرة من الطاقة خلال الثلاثة أعوام المقبلة، موضحاً أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن سيتطلب ذلك بناء محطة كهرباء سنويا لمجاراة الارتفاع المتزايد في استهلاك الطاقة. وأشار النعيم إلى أن نسبة استهلاك القطاع السكني في المملكة تصل إلى 50 % والتجاري 15 % والزراعي 2 % والصناعي 19 % والحكومي 11 %، بالإضافة إلى الاستهلاكات الأخرى التي تمثل 3 %. أما القطاع الشرقي، فتمثل النسب المئوية للاستهلاك في القطاع السكني 29 % والتجاري 9 % والصناعي 50 % والزراعي 1 % والحكومي 8 %، بالإضافة إلى الاستهلاكات الأخرى التي تمثل 3 %. وحول أهم طرق مواجهة الطلب على الطاقة ورفع كفاءة الاستهلاك، قال إن الشركة اتبعت أساليب مختلفة، أهمها التعرفة المتغيرة التي بدأ تطبيقها بناءً على قرار هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية والإنتاج المزدوج في العام 1432 على المشتركين الصناعيين خلال فترة الصيف، حيث تعتبر الأداة الأكثر فاعلية في إنجاح برامج إدارة الأحمال الكهربائية. وحول تطبيق العزل الحراري في المنازل والمنشآت التجارية وغيرها، أكد النعيم أن كلفة تنفيذ العزل الحراري في المباني لا تتجاوز 5 % من كلفة إنشاء المبنى، كما أن العزل الجيد يوفر ما يزيد على 30 % من فاتورة الكهرباء صيفا. ومن الإجراءات المتبعة لتوفير الطاقة، برنامج التحكم عن بعد في أحمال التكييف لدى كبار المشتركين الذي يهدف إلى تخفيض الأحمال وقت الذروة، حيث بلغ عدد المشتركين 25 مشتركا، ومن المتوقع أن يحقق البرنامج (40-50) [م.و] خفضا في أحمال الذروة. وأشار إلى أن البرنامج عبارة عن لوحة تحكم إلكترونية في أجهزة التكييف والاتصال بمركز التحكم عن طريق الإنترنت وتزويد البيانات للحاسب الآلي الموجود في مركز التحكم، وتنفذ المرحلة بتخفيض حمل المكيفات بنسبة 20 % والمرحلة الثانية بتخفيض حمل المكيفات بنسبة 40 % والمرحلة الثالثة بفصل الكهرباء عن المكيفات خلال فترة محدودة، ولا يتم اللجوء لهذا إلا عند الضرورة القصوى، وأخيرا بطاقة استهلاك الطاقة التي تهدف إلى توعية المستهلكين وتنبيههم للمعلومات الضرورية حول كفاءة استهلاك الجهاز عند شراء الأجهزة الكهربائية، وقد قامت هيئة المواصفات والمقاييس بتصميم بطاقة كفاءة استهلاك الطاقة لعدد من الأجهزة الكهربائية بمشاركة من الشركة السعودية للكهرباء ووزارة المياه والكهرباء والجهات ذات العلاقة. خطط للبنى التحتية الذكية قال كومار راميش مدير الإدارة الصناعية وتقنيات البيئة والبناء في فروست إن سوليفان خلال حلقة النقاش الأولى التي حملت عنوان “تسليط الضوء على الفرص التجارية المتاحة” إن المملكة والإمارات قامتا بخطوات مهمة وجريئة للاستثمار في الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار النفط تعتبر أحد العوامل المشجعة على الاستثمار في كفاءة الطاقة، كما تشهد مناطق شمال إفريقيا وأوروبا عديدا من الاستثمارات في هذا المجال. وأكد راميش أن دول الخليج الآن تبدي اهتماما كبيرا بموضوع كفاءة الطاقة، حيث تبنت أخيراً التكنولوجيا الأوروبية في هذا المجال، كما أن المملكة لديها خطط طموحة لبناء البنى التحتية الذكية والآن تخطو خطوات سليمة في هذا المجال عبر خطة عمل، انطلقت في العام 2010 التي تهدف إلى تطوير الإجراءات لتحسين كفاءة الطاقة في العام 2021، مشيرا إلى أن المملكة قامت بمبادرات عدة في المياه والكهرباء. وأكد راميش أن العام 2030 سيشهد مراجعة كل الإجراءات التي اتبعتها الدول والمشروعات التي نفذت لدعم كفاءة الطاقة، مشيرا إلى أن 50 % من المشروعات سيطبق فيها كفاءة الطاقة، لافتا إلى أن المملكة ستركز في المشروعات الخاصة بالبناء . محاكاة نماذج عربية ذكر الدكتور نايف العبادي مديرالمركز السعودي لكفاءة الطاقة أن كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة لابد أن ينطلقا معا بهدف ربط مناطق المملكة ببعضها وتقليل الاستهلاك المحلي، مشيرا إلى أن المملكة بدأت في تحسين أداء الطاقة لتمهد الطريق للطاقة المتجددة. وقال العبادي إن معظم استهلاك الطاقة في المملكة، يتمثل في قطاع الكهرباء، حيث يمثل 59 % من الاستهلاك وفي قطاع البناء، والتكييف 75 %، مؤكدا أن استهلاك الطاقة في ازدياد نظرا للاجتياح الكبير. وأشار أن الطلب على البترول سينخفض إلى 25 % إذا ما عملنا على تخفيض استهلاك الطاقة، مشيرا إلى أن بعض الدول العربية تمكنت من ترشيد 6 % من استهلاك الطاقة حيث نجحت من خلال تطبيق الإجراءات المناسبة. وأوضح آدم بروسيل من لايم للطاقة أن الولاياتالمتحدة حققت تقدما في كفاءة الطاقة من خلال الفوائد التي جنتها، حيث أكدت دراسات أجريت في العام 2009 أن الاستثمارات في مجال كفاءة الطاقة بلغت مائة ألف مليار دولار، خلقت فرص عمل لكثيرين، مشيرا إلى أنه في العام 2010 وقعت خسائر كبيرة في مجال الطاقة لأننا لم نقم بتطبيق المعايير والسياسات المناسبة في كفاءة الطاقة. من جانبه, أشار سلطان فادن من مركز التنمية المستدامة في كلية الهندسة وتقنية المعلومات إلى ان مبنى واحدا فقط مسجلا في مؤسسة البناء الاخضر في المملكة و47 مشروعا، وقال إن هذه ارقام مخجلة سجلت في العام 2009 . مؤكدا أن هناك توجهات عالمية للتحول إلى الحياة الخضراء، مشيرا إلى أن الانفجارات السكانية والتجمعات الضخمة خلال المائة عام الماضية أجبرت الدول على القيام بدراسات لتسريع التحول، موضحاً أن المدن أصبحت لا تستطيع تحمل توفير حياة كريمة لسكانها، نظرا للهجرة الكبيرة إلى المدن، كما أن بعض الحكومات بدأت تشجع الهجرة العكسية لتخفيف الضغط على المدن الرئيسية. وقال فادن إن 41 % من سكان السعودية يتمركزون في ثلاث مناطق فقط، الأمر لم يعد عاديا بالنسبة للمدن الرئيسية، مشيرا إلى عدد من المخالفات التي تحدث نتيجة الضغط الكبير على المدن حيث تشتهر منطقة مكةالمكرمة بالعشوائيات كما تقوم المساكن في مدينة جدة قبل توفير البنية التحتية، وهذا ما يفسر الكوارث الحاصلة في الأعوام الماضية. الجلسة الثانية في الجلسة الثانية التي حملت عنوان “الآثار المالية لوسائل الطاقة.. تقييم الاستثمار المبدئي، الإنفاق الرأسمالي، مقابل التوفير المستدام”، أكد المتحدثون على أهمية ترشيد استهلاك الطاقة، خصوصا في النطاق السكني، وتحديدا في المباني والعمارات الكبيرة، بالخصوص في فصل الصيف، وأن التبريد والتكييف هو السبب الرئيس الأول في الاستهلاك في القطاع السكني، إذ ثبت أنه الأكثر استهلاكا للطاقة الكهربائية، فضلا عن استهلاك القطاع الصناعي على الرغم من ارتفاعه إلا أنه يسير بمستوى واحد طوال العام. وأكد ستيوارت روسل من شركة هني لو المتخصصة على أهمية تطوير المعلومات في مجالات كفاءة الطاقة، والتوعية بضرورة تحسين الإجراءات للوصول إلى أفضل المستويات في مجال الاستفادة من الطاقة، ورصد أكثر القطاعات التي تستهلك الجزء الأكبر من الطاقة، من أجل تحسينها، للوصول إلى خدمة أفضل، وأقل تأثيرا على البيئة. وشدد على ضرورة تفعيل الاستثمارات في مجالات كفاءة الطاقة والعمل على التطوير المستمر لما هو قائم من استثمارات، مطالباً بمراقبة عملية استهلاك الطاقة، وتوعية أصحاب المباني الكبيرة كالفنادق والمستشفيات بأهمية الترشيد، والاستثمار في مجال كفاءة الطاقة. استهلاك 70 % من الطاقة أكد المهندس على الناجم من المجلس السعودي للأبنية الخضراء أن هناك إمكانية لتوفير الطاقة الكهربائية، إذ يلحظ أن النسبة العالية من الطاقة، يتم استهلاكها في المباني، وأن 70% من هذا الاستهلاك، يتم عن طريق التكييف، وقال: “لو تم التركيز على التكييف خصوصا في المباني الكبيرة، من خلال إيجاد نظم جديدة للعزل الحراري، ونظم التبريد، لوصلنا إلى وضع أفضل وقال إن حفظ الطاقة لدينا يتم من خلال العزل الحراري وتخطيط المدن وتعميم المدن الخضراء، فلذلك تأثير كبير على الاقتصاد الوطني، إذ أن ترشيد الاستهلاك يعني تخفيض كميات النفط المستخدم لتوليد الطاقة، الذي يمكن أن يشكل عائدا كبيرا لميزانية الدولة. وقال إن الأبنية الخضراء تعتمد على إشراك المعماريين في قرارات حفظ الطاقة، فهم الأعرف بذلك. وأكد على ضرورة تحفيز وسائل الطاقة المتجددة. استثمار طاقة الرياح وفي الجلسة الثالثة التي خصصت للعروض المرئية، تحت عنوان “عرض الفرص المتاحة أمام الشركات السعودية المحلية في مجال منتجات وخدمات كفاءة الطاقة تحدث آدم بروسيل من لايم للطاقة عن الفوائد المجنية من تطبيق حلول كفاءة الطاقة بأن هناك مقترحات لاستخدام طاقة الرياح التي ستوفر 1.6 مليار دولار على مستوى الولاياتالمتحدة”. وأشار إلى أن المملكة تهتم ببناء المصانع، الأمر الذي يوفر فرصا تجارية كبيرة لبناء مصانع على نمط حديث، تراعي كفاءة الطاقة، مشيرا إلى أنها ستكون مكلفة في البداية مثل التكنولوجيا ومع مرور الزمن ستخف كلفتها. وتحت محور الفرص التجارية في مجال حلول الطاقة المتاحة في السوق السعودية قال مايك دالتون من مساندة إن معظم المنتجات لا تحمل بطاقة تعريفية توضح استهلاكها للطاقة أو كفاءتها مطالبا وضع تشريعات وقوانيين صارمة حول ذلك لإدخال المنتجات العالية الجودة التي تعمل على كفاءة الطاقة للبلاد مشيرا إلى أن بعض الدول استغلت عدم الحرص على قراءة البطاقة التعريفية وأصبحت تصدر منتجات غير جيدة. جانب من الجلسة الثانية (تصوير: أمين الرحمن)