تكرار سيناريو حوادث اختفاء الفتيات في الرياض في الآونة الأخيرة بات من اللافت للعيان، وبحاجة إلى وقفة للإجابة عن كل الاستفهامات التي تثار خلف غياب فتيات قاصرات لا تتجاوز أعمارهنّ الخامسة عشرة عن منازل ذويهنّ ومن دون أي مقدمات، أو سابق إنذار، ومن ثم يتم تصعيد ذلك إعلاميًّا ورصد المكافآت والجوائز لمن يدلي بأية معلومة قد تقود للعثور عليهنّ، وبعد أيام من البحث والتحري تنتهي القصة بتصريح من الشرطة بالعثور على الفتاة التي ملأت الدنيا وشغلت المجتمع باختفائها وأنها تتمتع بصحة جيدة.. وذلك مع التحفظ عن الإشارة إلى أي تفاصيل أخرى عن سر هذا الاختفاء الغامض. وبالأمس القريب عثرت شرطة الرياض على ريم وهي فتاة لم يتجاوز عمرها 12 عامًا، وطالبة في أولى متوسط، تقيم مع أسرنها في حي النظيم في الرياض ، بعد تغيبها عن من منزل أسرتها منذ الأربعاء الماضي. فيما تم العثور على فتاة أخرى تدعى "روان الشهراني" ذات 14 عامًا، والتي كانت قد فقدت بحي عريجاء بالرياض أثناء عودتها من المدرسة ظهر الخميس الماضي، وكان أقارب الطفلة وعدد من فاعلي الخير أعلنوا أمس عن رصد جائزة بمبلغ مليون ريال، بالإضافة لسيارة لكزس موديل 2014 لمن يعثر عليها. ومن القصص في هذا الإطار عودة أماني المطيري (15 سنة) في أكتوبر الماضي إلى أحضان أسرتها بعد أيام من اختفائها الغامض، وذلك بعد خروجها من مدرستها المتوسطة 118 في إسكان الحرس الوطني بحي النسيم الغربي، وشاركت الجهات الأمنية في عمليات البحث، وتناقلت قنوات التواصل الاجتماعي الخبر وأرقام التواصل بذويها خصوصًا وأنّ شقيقها هاني المطيري كان قد رصد مبلغ 5 ملايين ريال كمكافأة لمن يدلي بأي معلومات ترشدهم إلى مكان شقيقته. الاختصاصية الاجتماعية سلوى العريكان أشارت في تصريح خاص ل"سيدتي نت" إلى ضرورة تكوين فريق نفسي اجتماعي لدراسة تلك الحالات، والقيام بزيارة تلك الأسر التي تعرض الفتيات للتغيب لمعرفة الأسباب التي غالبًا تقف العادات والتقاليد سداً عن التصريح بها، بالإضافة إلى الرغبة في الستر على الفتاة ومن تأثير ذلك على سمعتها ومستقبلها. مشيرة إلى ضرورة احتواء الفتيات بعد عودتهنّ إلى أسرهنّ، وخضوعهنّ إلى جلسات للعلاج النفسي والاجتماعي حتى لا يتعرضن لضغوط أخرى من قبل الأهل وبالتالي معاودة الهروب. وأوضحت العريكان إلى أنّ من أسباب هذا الهروب هو في الغالب جرأة الفتيات وعدم رضوخهنّ، كما كان سابقًا، لإيذاء الأهل والعنف بكافة صوره وأشكاله، وأصبحن أكثر انفتاحًا مع وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الهاتف النقالة، والتي أسهمت من جهة أخرى من سهولة التغرير بهنّ من قبل الشباب باسم الحب. يذكر أنه في دراسة للدكتورة نورة الصويان أستاذة علم الاجتماع ووكيلة عمادة كلية التربية في جامعة المجمعة، أشارت فيها إلى أنّ نسبة هروب الفتيات بلغت أعلى نسبة في نوع الانحرافات بين الفتيات تحت سن الثلاثين حيث بلغت 58%، تليها المشكلات الأخلاقية بنسبة 27.7%، ثم جرائم العنف (اعتداء، مضاربة، قتل) حيث بلغت 9.8%. ومن أسباب الهروب وفق نورة الصويان: عجز الأسرة عن احتواء الأبناء، العنف الأسري، افتقاد الأسرة إلى ثقافة الحوار، الجفاف العاطفي، التربية الصارمة، تفضيل الذكور على الإناث، إضافة إلى دور المؤثرات الإعلامية السلبية، واضطراب الوسط الأسري، وإجبار الفتاة على الزواج من دون رضاها.