قابلت طفلاً لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره برفقة والدته، وذلك قبل شهر رمضان هذا الذي أوشك على الرحيل، حيث كان اللقاء في مقر عملي بالمستشفى، ومن ضمن ما علمته منه عن حالتهم وظروفهم الاجتماعية، أنه يسكن مع والدته وأن والده طلقها وتزوج بأخرى، ومن يومها لم يسأل عنهم ولم ينفق عليهم ريالاً واحداً، وأن والدته لا تعمل وليس لها دخل ويعيشون على مساعدات أهل الخير، رغم أن والده موظفاً ومركزه ودخله المادي جيداً، لا أخفيكم أني تأثرت بكلام الصغير، وحاولت استدعاء والده بهدف عقد جلسة فردية معه للتدخل الاجتماعي العلاجي ولكن دون تجاوب منه، وسيتم إن شاء الله تحويل الحالة نظاماً إلى الجهات المعنية لمتابعتها، ومن يومها وأنا أفكر الكتابة في هذا الموضوع لكي أوجه رسالة لبعض الآباء والأمهات القاسية قلوبهم المتنصلين عن أدوارهم ومسؤولياتهم الاجتماعية تجاه أبنائهم الذين ينجبونهم ويتركونهم يتكففون فاعلي الخير يتولون أمرهم نيابة عنهم وهل يا ترى يعطوهم أم لم يعطوهم. لقد وجهنا النبي صلى الله عليه وسلم برعاية أهل بيتنا قائلاً : «وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ»: ومن ضمن ما يكون الرجل مسئولاً عنه، هو توفير احتياجاتهم من سكن وطعام وشراب ولباس، كل ذلك في غير تقتير ولا إسراف. في هذه الأيام العشر الأخيرة من رمضان نجد أن جميع الأسر قد جهزوا والبعض يجهزون الملابس الجديدة لأطفالهم فهل يا ترى الشخص الذي طلق زوجته سأل عن أولاده هل لديهم ملابس جديدة للعيد؟ أو طلقهم مع أمهم! أو يلبسون من ملابسهم القديمة في يوم العيد، ويتحسرون عندما يشاهدون الأطفال بالملابس الجديدة!؟ وهل يا ترى أعمام الأيتام سألوا عن أبناء أخيهم المتوفى؟ أو نسوهم منذ دفن أخيهم! وهل إخوة الأرملة سألوا عن أختهم وعن أحوالها هل هي حية أم ميته أم جائعة أم شبعانه!؟ أم أنهم أخوة في دفتر العائلة فقط! لا شك أن ما سبق ذكره هام ولكن الأهم منه، هل عندما تشتري ملابس العيد لأولادك وزوجتك ولنفسك تتذكر من كانت تلبسك صبيحة العيد وأنت صغير ؟! *أخصائي اجتماعي أول ماجستير خدمة اجتماعية