تحدثنا في المقالات السابقة عن دور البيئة الداعمة في تنمية الإبداع وذكرنا أن من الطرق الأساسية لذلك تمرين الدماغ واستخدام كامل طاقته . فالدماغ البشري هو العضو المتحكم في الجهازالعصبي المركزي للإنسان وهذا يعني أنه مركز لجميع العمليات والأفعال سواء كانت إرادية كالحركة والكلام أوغير إرادية كالتنفس والهضم ويرجع لهذا العضو المكون من الدهون والبروتينات والذي يبلغ وزنه ( 1.4) كيلو جرام تقريباً الفضل في تمتعنا بالإحساس والرؤية والقدرة على التفاعل مع الاخرين والمشاعر وتخزين الذكريات والعديد من الوظائف التي نتصور في وقت من الأوقات أنها مقدرة خاصة بنا وليست آلية يعمل بها جزء صغير جداً داخلنا وما أن يحدث فيها خلل حتى نصاب بالتدهور كما يحدث لدى البعض حين تضعف الذاكرة لديه أو يفقد القدرة على الحركة بسبب حادث ما، ويرجع الأطباء ذلك غالباً الى حدوث تضرر في جزء محدد بالدماغ وعند ذلك نعلم أن ما أعتدنا على استخدامه معتقدين أنها مهارة خاصة بنا هي مهارة خاصة بهذا الجزء العجيب من أجسامنا والذي وهبه الله لنا وأعطاه مقدرة كبيرة وإمكانات عالية . نتحدث اليوم عن الدماغ البشري بشيء من التفصيل لنوضح أنه العضو المسئول ايضاً عن الابداع كهبة ضمن الهبات التي ينعم بها الإنسان عن غيره من المخلوقات . واذا أردنا أن نسلط الضوء على الدماغ كداعم للإبداع توجب علينا التذكير بالدراسة الخاصة بعالم الأعصاب وعلم النفس العصبي الأمريكي روجر سبيري والتي حاز بسببها على جائزة نوبل في الطب لعام 1981م . تضمنت هذه الدراسة ظهور نظرية غيرت مجرى الكثير من العلوم وطورت الكثير من التجارب حيث أظهرت النظرية أن الدماغ ينقسم إلى جانبين الأيمن والأيسروكل منهما مسئول عن بعض المهام أو العمليات فالجانب الأيمن مسئول عن تمييز الوجوه والأماكن والصور والألوان والأشكال والخيال والحدس وهو الجانب الذي يوصف بالإبداعي ، أما الجانب الأيسر فهو المسئول عن اللغة والتحليل والأرقام والمنطق وهو ما يوصف بالتحليلي أو المنطقي ويربط بين الجانبين جسرعصبي يسمى ( الجسم الجاسئ ) يتكون من ملايين الألياف العصبية التي تنقل المعلومات بين الجزئين على شكل إشارات كهربائية وهنا لب الموضوع حيث يحدث تفاعل دائم بين الفصين بشكل طبيعي ولكن كلما زاد التفاعل بين هذين الفصين كلما حفزنا المخ للعمل بأقصى طاقاته خاصة وأن بدأ ذلك في مرحلة الطفولة وهو هدفنا في هذا المقال . تمرين الدماغ هو خلق فرص عديدة لتفاعلات دائمة بين الجانبين الأيمن والأيسر والتي أثبتت الدراسات أنها الداعم الرئيسي للإبداع وهي ما تجعل الدماغنشط متيقظ ومستعد للخلق والابداع . وسأطرح لكم هنا بعض الأفكار والأنشطة التي من شأنها العمل على ذلك حيث تعمل على استخدام طريقة الدمج بين الصور الحقيقية والصور الذهنيةوالمحسوس المجرد مع الخيال المتدفق فمن الممكن أن نجعل الطفل يقوم بسرد قصة من خلال استخدام بعض الصور (شاطئ - فضاء - جبل - غابة - صحراء،كأس ، فانوس ،قطة ، كمبيوتر لوحي ) أو استخدام بعض الكلمات ( مكتوبة ببطاقات ) وكل ما كانت هذه الكلمات والصور متباعدة منطقياً كلما حفزنا الدماغأكثر للعمل من خلال التحليل والتفكير لعمل روابط بين تلك الكلمات والصور وإدراجها في تسلسل قصصي ، كما يمكننا أحياناً تقديم ورقة ليرسم فيها الطفلونضع له فيها شكل هندسي أو بعض الخطوط أو النقاط ونطلب من الطفل أن يدخل تلك الأشكال أو الرسوم في لوحته كما يحب فيفكر ويحلل ويرسم لتصبح في النهاية لوحة واحدة قد نستطيع معرفة المقصود منها وقد لا نفهمها الا عند سؤال الطفل فيشرح لنا فكرتها حسب عمر الطفل ، كما أن هناك بعض الألعابالمفتوحة والتي يستطيع الطفل فيها أن يستخدم خياله ويصل في كل مرة لنتيجة جديدة كالمكعبات الملونة وعلب الكرتون بكل الأحجام ففي كل مرة نراه ينتج منهاشكل جديد ويخبرنا به فمرة شكل سفينة ومرة حديقة ومباني ومرة آلة للذهاب للفضاء وهناك الكثير والكثير من الأفكار فقط من المهم أن نتذكر شيء واحد أنهفي كل مرة أضع للطفل تحدي من نوع معين وسط عمل ممتع فأحفزه للعب والاستمتاع وهدفي تمرين دماغه منذ الصغر حتى إذا كبر استطاع استخدام عقلمحفز نشط اعتاد على التخيل ووضع الفرضيات وتوقع النتائج واختبار صحة تلك الفرضيات ووصل لمجموعة من النتائج ولم ينتظر استنساخ نتيجة أو نقلمعلومة وهو ما نسعى له فهذا جيل الرؤية وهذه مسئوليتنا تجاه . *خبيرة بمجال الطفولة المبكرة TW @ Samiah_a [email protected]