تعد ظاهرة التكدس السكاني والتزاحم مشكلة لا يمكن تجاهلها في ظل تفشي وباء فيروس كورونا ويمكن استقراؤها بسهولة من جداول الكثافة السكانية وكذلك من خلال ضجة الشوارع والأحياء وخاصة العشوائية منها وارتباك الحركة المرورية بها والروائح التي تنبعث منها بسبب سوء شبكات الصرف الصحي أو انعدامها . فدرجة التزاحم مفتاح لكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والصحية فكلما ارتفعت درجة التزاحم، أو انخفض نصيب الفرد من الغرف السكنية، كلما كان مستوى السكان المعيشي والاجتماعي منخفضاً فالعلاقة بينهما علاقة عكسية، إذا ارتفع احدهما انخفض الأخر. وقد تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة انتشار سكن العمالة وسط الأحياء السكنية مما أثار الكثير من المخاوف الأمنية والاجتماعية والصحية في ظل عشوائية تنظيم تلك الأحياء وخطورة تجمهر تلك العمالة داخلها بالإضافة إلى أن هناك المئات من هذه العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة والعمل لم تجد طريقة للسكن والهروب عن أعين الجهات الرقابية، سوى أن تتخذ من الجبال بيوتًا لها، حيث قامت بتشييد منازل من الخشب والصناديق، بطريقة عشوائية وغير منظمة، وفي أماكن وعرة، يصعب الوصول إليها. ومع تفشي وباء كورونا (كوفيد19)، فإن مساكن العمالة المبعثرة في جميع مناطق المملكة، تكاد تخلو من أية ضوابط صحية وتعد من أخطر البؤر التي يمكن أن تخرج عن السيطرة لو تفشى المرض في أوساط هذه الفئة أو داخل مجاميعها العشوائية. مما يستوجب ترتيب أوضاع هذه العمالة بشكل عاجل تحسبًا لحدوث أي أوبئة أو ظواهر طبيعية في المستقبل وعدم ترك هذه العمالة تسكن حيث تريد، فهذا هو الخطر الحقيقي الذي يجب معالجته بطرق علمية مدروسة . أن تحسين بيئة السكن الخاص بالعمال سيعود بشكل إيجابي على نفسية العمال؛ مما سيكون له الأثر الإيجابي على إنتاجيتهم بشكل أفضل، وبذلك نحقق نتائج اقتصادية ونساهم في حل جزء من مشكلة السكن ونشارك الجهات الأمنية بالقضاء على الكثير من الجرائم التي ترتكب من وراء مثل هذه العمالة سواء المتخلفة منها أو النظامية فدرجة المثالية المطلوبة هي أن يتوفر لهؤلاء العمال مساكن على درجة عالية من التنظيم المريح الذي يليق بالإنسان الذي كرمه الله عز وجل واستخلفه لعمارة هذه الأرض فأكثر أرباب العمل والشركات والمؤسسات ينظرون إلى تدني الإيجار فقط دون النظر إلى ما قد يحدثه هذا السكن العشوائي الذي لا تتوفر فيه أبسط مقومات الحياة من سلبيات على الأفراد والمجتمعات. فأصبحت هذه المساكن التي يختارها أصحاب العمل للعمالة الوافدة أحيانا بدافع التوفير وترتضيها العمالة أيضاً لانخفاض أجرتها أصبحت اليوم فنادقًا ذات خمسة نجوم لسكنى الوباء. فنحن في ظل هذه الجائحة التزمنا بالتباعد ورضينا بالبقاء في منازلنا امتثالاً لما أصدرته قيادتنا الحكيمة من قرارات احترازية لوقف انتشار هذا الوباء إلا أن العمالة لم تلتزم بهذا التباعد لأنهم لا يملكون السكن الملائم لتطبيق هذه التعليمات وبهذا ستكون مساكنهم قنابل موقوتة لكورونا إن جاز التعبير .