عبدالمحسن محمد الحارثي هل يعمل المُخالفين مع من اختلفوا بصدق؟!! أم أنَّ اختلافه يجعله لا يُبالي ، ولا يكترث بالنتائج ، وقد يصل الأمر به في رغبته بعدم نجاحك!! الحوار حاجة إنسانيَّة ، وهو أُسلوب التواصل الأمثل مع الموافق والمختلف ، لكنَّ التسلُّط أُسلوب للتقاطع. الخلاف والاختلاف من حيث اللفظ لا فرق بينهُما ، ويكون ذلك في تضاد زوايا الرؤية ، وفي تقدير النتائج. يجب الإيمان ، بأنَّ اختلاف الناس واقع ، وهو بحكمة ربَّانية ، قال تعالى:( ولو شاء ربُّك لجعل الناس أُمَّةً واحدة، ولا يزالون مُختلفين). وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلَّم-:( نظَّر اللهُ امرأً سمِعَ مقالتي ، فوعاها وحفظها وبلَّغها ، فرُبَّ حامِل فقهٍ إلى من هو أفقه منه…ألخ) كما يجب الإيمان بتفاوت عقول الناس وثقافاتهم ، فالحوار هو اللغة الوحيدة التي يفهمها العقل ، ويستعملها العلم ، وتتداولها الحضارة ، فهو متنفَّس الحياة المثلى ؛ لأنهُ وبدونه يسود التسلُّط بالقُوَّة.. والإخلاص والصدق ، أهم ركيزة في الحوار الناجح، قال تعالى.( قُلْ إنَّما أعِظُكُم بواحدة ، أنْ تقولوا للهِ مثنى وفُرادى ،ثُمَّ تفكروا…) ، أي: تنهضوا بِهِمَّة ونشاط وقصد ؛ لاتِّباع الصواب، والإخلاص لله!! وهناك من يتساءل : هل المحاوِر أو المُحَاوَر .. يُريد إظهار الحق ، أم الانتصار لنفسه؟!! هُنا.. يجب على كلا الطرفين أنْ يكونا صادقين ، فلا يجوز الكذب ، فالحوار علم وفن ومهارة ، وأنْ يكونا قويين ، ومُلمّين بالموضوع ؛ حتى يكون المُخرج ذا فائدة . ومن أسباب الاختلاف سوء التقدير ، واتباع الهوى ، والإعجاب بالنفس ، والتعصُّب للرأي ، وقد تصل إلى أبعد من ذلك من خلال الاختلاف في القدرات والفروق الفردية بين المتحاورين. الرأي الصائب هو ثروة التفكير ، فإنْ كثُرت الآراء قلَّت الأعمال ، ولكن الأخذ بالأغلبية مطلب ، شريطة أنْ يؤمن هذا المُخالف بأهميَّة العمل ، ودوره في إنْجَاحِهِ لا فشله . يقول الفيلسوف والشاعر فولتير.( إنِّي أُخالفك الرأي ، لكنِّي مستعد للدفاع حتى الموت عن حقَّك في إبدائِهِ). إنَّ عقول البشر ليست متشابهة ، كطوابع البريد ، ولم يخلق الله الأصابع العشر متشابهة ، فالاختلاف أدب ، والتعبير عنه فن.. ومن أُعجِب برأيه فقد ظل ، فالسمع للآخر نوع من الكرم ، ولرُبَّما عدم الاتفاق أقصر المسافة بين فِكْرين. قال الشاعر أحمد شوقي: إلام الخُلفُ بينكُما إلاما وهذهِ الضجَّةُ الكُبرى علاما !! فهل يعمل المختلفين مع من اتفقوا؟! وهل نقاط الاشتراك سبيلٌ للاتفاق؟! أرجو أنْ يكون نهاية المطاف ، أنَّ الاختلاف لا يُفسد للود قضيَّة ، وأن يصل كلا المتحاورين إلى اتفاق ، *فنجاح الغرب في غزو العرب حينما اتفقوا!!*