اعتبر الفقيه السعودي الشيخ أحمد قاسم الغامدي، العودة إلى نصوص الكتاب والسنة ونبذ التقليد إلى جانب ترسيخ منهج «الحوار» بآدابه عند الاختلاف، أفضل استراتيجية تتخذ في سبيل التعامل مع «قنابل التراث»، التي يعتبر الغامدي وما أثاره من أفكار وآراء في تقدير الكثيرين جزءاً منها. وهي حالة يرى أن النقاش يصير إليها «عندما يصبح الرأي الواحد ذا سلطة، فيغلب على العامة التقليد والتعصب له». وأكد الغامدي أن «الشريعة سبب عظيم لسعادة الخلق لأنها يسر وسماحة، لا تناقض العقل الصريح ولا تخالف الفطرة السوية إلا أن ما أضيف إليها من اجتهادات العلماء والفقهاء ربما يسود في مصر من الأمصار أو في زمن من الأزمان ويضعف الاجتهاد الحق في نصوص الكتاب والسنة لأسباب كثيرة، فيكون طرح شيء من تلك القضايا الفقهية غير القطعية في ذاتها أمراً مثيراً». تزداد تلك الإثارة أكثر في نظر قاسم «عندما يصبح الرأي الواحد في تلك المسائل ذا سلطة مادية أو معنوية فلا يقبل حينها طرح ما فيه اختلاف على رغم الحاجة إليه وإشارة نبي الهدى إليه واضحة في قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس... الحديث) متفق عليه. فحينذاك تكون الحال كما وصفتَ من وقوع الضجيج والتصدع وكثرته، إذا غلب على العامة التقليد والتعصب للرأي الواحد، وهذا خلاف ما كانت عليه الحال في القرون المفضلة». وأما الطريق الأمثل للتعاطي مع هكذا قنابل فهو كما يعتقد «الأخذ بهدي الأنبياء مع أقوامهم وبهدي نبينا عليه الصلاة والسلام وبهدي سلفنا الصالح من الإخلاص والصدق والرفق والإنصاف والمجادلة بالتي هي أحسن واتباع الحكمة في الحوار مع إحسان الظن بالآخرين وحسن الاستماع لهم قبل الشروع في الإجابة والبعد كل البعد عن ضد كل تلك الأخلاقيات المحمودة في الحوار ثم يعذر بعضنا بعضاً طالما كان الاختلاف بين أهل العلم وطلابه ولم يكن عن هوى أو عناد، بل سببه اختلاف الرأي إما في ثبوت الأدلة وإما في اختلاف الأفهام». وأضاف: «علينا أن نتفق جميعاً على أن المرد عند الاختلاف إلى الكتاب والسنة الصحيحة فرض لازم، فإن المرجع في كل اختلاف في الشريعة هو كتاب الله وما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم مع احترامنا لآراء من نختلف معهم من المجتهدين، فإن كلاً يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)، وقوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول) وقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) وقوله تعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء)». وحول ما إن كانت الحاجة قائمة إلى استراتيجية للتعامل مع هذا الصنف من التراث، قال «الحوار بآدابه هو الاستراتيجية العظيمة لإحباط المفعول السيئ للاختلاف فحسن ذلك معلوم شرعاً وفطرة وعقلاً ونحن نفاخر بذلك في شريعتنا ونفاخر به في واقعنا حين رسمه لنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كمنهج رباني في بلده وفي أمة الإسلام وفي أمم العالم، واتخذه استراتيجية لمشروع حضاري متمسك بروح الإسلام وأحكامه، فكان بذلك حقاً إمام الدعاة للخير في هذا الزمان».