!! عبد المحسن محمد الحارثي نُعلِّم كثيراً ، ونُربِّي قليلاً .. هكذا واقعنا ، والأدل على ذلك ؛ تغيير مسمّى الوزارة ، من التربية والتعليم ، إلى التعليم ! إنّ اختيار طرائق التربية أهمُّ من اختيار شكل الأكاديميين ، فحاجةُ الشعب الأُولى بعد الرَّغِيف ؛ هي التربية. إذا كانت غايةُ التربية إحلال عقل مفتوح محل عقل مُغلق ، فإنه من الضروري تعدُّد التربية في جميع جوانبها الإنسانيّة ؛ لأن الإنسانيّةَ الحقّة ، لا تكون إلّا بالتربية الشاملة.. فما مِنْ هديّة نُقدِّمها لوطننا أفضل من تربية صِغارنا وتثقيفهم. فإذا رجعنا لأُسس التربية الحقيقيّة ، فإنّها تبدأ قبل ولادته بعشرين عاماً ، وذلك بتربية والديه – أُمُّهُ وأبوه- وبذلك تكون التربية الحقيقية تبدأ من الأبوين ، فهما الأولى بتربية صغيرهما ، حتّى يكبر ، قال تعالى:( قال ألمْ نُربِّكَ فينا وليداً ولبِثْت فينا من عُمْرِكَ سنين). وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم :( كلكم راعٍ وكُلكُم مسؤولٌ عن رعيّته …). إنَّ أحسنَ توصية يحملها الإنسان للناس هي التربية الحسنة ، فما ندرسهُ في أحضان أُمّهاتنا لا يُمحى أبداً ، فمن شبّ على شيء شاب عليه. إنَّ التربية المستمرّة ، هي الطاقة الأقوى ؛ لصقل الأمور الاجتماعية وتنظيمها.. يقول [ديون]:( قد تُنهي دراستك الجامعيّة ، وتبقى محتاجاً إلى التربية) . ويقول سكينر: ( هي ما يبقى بعد أنْ ننسى ما تعلمناه)..فجذور التربية مُرَّة ، ولكنّ ثمارها لذيذة كما قال أرسطو. إنَّ أفضل ما يجعلنا نستعمل العقل هو التربية ؛ لأنها خيرُ واقٍ من شرور الناس ، وقساوة الزمان.. فالناسُ يولدون مزودين بالقابليات والمواهب ، فالتربية تطور المواهب ، لكنّها لا تخلقها ، والتربية وحدها هي من تُحدِثُ الفرق. يقول الشاعر البوصيري: والنفسُ كالطفل إنْ تُهملهُ شبَّ على ❄حُبِّ الرضاع وإنْ تفطُمهُ ينفطم. وعوداً على ذي بدءٍ ، فإنّ وزارة التعليم ، لها أكثر من عقدين من الزمان ، وهي لا تزال تدندن على صنف واحد من التربية ، ألا وهو ، التربية الوطنية ، ولما لها من أهمية قُصوى في ترسيخ الولاء للوطن ، إلا أنّ المواطن بحاجة إلى تشرُّب كامل أنواع التربية ، من بيئية إلى أُسرية ، أو إرشادية وترشيدية ، أو سلامة مرورية ، وثقافة صحية ، وكذلك تربية جنسية وأخلاقية ..ألخ… يقول علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – :( لا تُعسِّروا أولادكم على آدابكم ،فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم).