يا سيدي رأيتك أمس تلهب بدن صغيرك بالسوط. ولست أشك أنك ضربته في ساعة غضب منك وانك ندمت فعلاً على ما أقدمت عليه في الحال. وإن سألتك عن السبب الذي أدى بك الى ضرب فلذة كبدك. فلا جواب سوى أنه ولد مزعج وإن لم أضربه فسيتمادى في الإزعاج للجميع... ولكن على مهلك يامن تقول هذا الكلام. لقد أخطأت وأصاب ولدك المزعج في نظرك. إسمع أيها الأب القاسي. من قال لك أن ولدك مزعج وشرير من أين استنتجت هذه المقولة التي لا صحة لها في مثل هذا الموقف. إن ابنك معذور يا سيدي فهو لا يفعل شيئاً الا وقد اجتاز امتحاناً تعلمه منك أو من أخيه الأكبر قل لي بربك من أين تعلم هذه الشراسة كما تدعي أيها الأب القاسي الذي شرفك الله بتربية بشر مثلك. وإن كان عصبي المزاج فلا يعامل بالضرب بل بالنصح والإرشاد السديد الا تعلم أن الطفل الذي يضرب صغيراً يدخر في قلبه الحقد والبغض فمتى بلغ مبلغ الرجال تحول هذا الحقد والبغض الى سرطان يأكل بشاشته. وصلاح نفسه إنك تستطيع معالجته بحنوك عليه وبحبك له وعطفك عليه وإسداء النصائح القيمة له. يمكنك يا سيدي بابتسامة بسيطة وبكلام لين أن تجعله يدرك الحسن من القبيح من جميع الأفعال. وتستطيع ان تساعده وتوجهه بلطف الى الأفعال. وتستطيع ان تساعده وتوجهه بلطف الى كل عمل حسن ونافع بلطف وبلين وبنصح متكرر. وعندئذ ومع مرور الزمن وسعة الخاطر سوف تجني ثمرة ما زرعت وسوف يصبح ابنك الذي كنت تقول عنه انه مزعج عجينة لينة في يدك القاسية والتي يجب ان تحنو عليه بدل ان تلهب بدنه بالسياط وبالتأنيب. عند ذلك تستطيع ان تشكله حسب ما تريد وان تربيه التربية الحسنة التي يريدها الجميع. وتذكر ايها الأب القاسي ان من شابه أباه فما ظلم. وقفة: والنفس كالطفل إن تحمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم