سلمان بن زيد بن مبارك الرشود الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد جاءت الشريعة الإسلامية السمحة لانتشال الناس من الظلمات إلى النور بعد مرور عدة قرون من الزمن وهم في غيهم ووقوعهم في الشرك وظلم البشرية بعضها بعضا وانتصار القوي على الضعيف وأكل أموالهم بالباطل وتهميش الرجال للنساء ونظرهم لها بأنها من سقط المتاع وأنها عار حتى وصل بالأعراب وأد البنات إن من الأمور التي جاء بها الإسلام وأقرها : تكريم المرأة وجعلها عزيزة شامخة وبيان مكانتها في المجتمع وأنها شريكة وشقيقة الرجل بل يوجد لديها من العلم النافع والمفيد الشيئ الكثير إلا أنه في وقت من الزمن حاول البعض تغييب دور المرأة وضل فقط يتكلم بأن مكان المرأة المنزل فقط وأن خروجها من المنزل حرام ومن العار إلا للضرورة ويبدأ بالأسلوب التخويفي في بعض المناسبات ولاشك أن بقاء المرأة في منزلها أفضل لقوله تعالى ( وقرن في بيوتكن ) إلا أن الإسلام لم يمنع المرأة من الخروج من منزلها لقضاء حاجاتها وضرورياتها وكما يعلم الجميع من خروج الصحابيات لقضاء حاجاتهن وكذلك في الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم بل حتى المرأة المعتدة من وفاة زوجها أجاز لها الشرع أن تخرج من منزلها لقضاء حاجاتها إذا لم يوجد من يقضي لها شؤونها الخاصة وكان الأولى على هؤلاء بيان دور المرأة ومكانتها في الإسلام والتوجيه السليم لهن قال تعالى ( ادع بالتي هي أحسن ) إن هذه المرأة التي يتحرج بعض الجهال منها هي الأم والأخت والبنت والزوجة وهن محل فخر واعتزاز وتكريم ولنظرب بعض الأمثلة في اهتمام الإسلام والمسلمين ومعرفتهم دور المرأة وأنها صالحة للتعليم والتفقه والفتوى وسوق العمل الصحابية الجليلة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت فقيهة ومرجع للفتيا في المدينةالمنورة مع بعض كبار الصحابة رضي الله عنهم ولم يعب أحد من الصحابة رضي الله عنهم ذلك وغيرها من الصحابيات الجليلات راويات الحديث كأم عطية رضي الله عنها ومن الفقيهات بنت سعيد بن المسيب رضي الله عنها. فاطمة بنت الإمام مالك بن أنس إذا لحن القارئ في القرائة عند الامام مالك كانت تطرق الباب فيعلم الإمام مالك أن القارئ لحن في القرائة. العالمة ستيتة بنت المحاملي فقيهة ومفتية وعالمة في علم الرياضيات ومحدثة عاشت في القرن الثالث الهجري. كريمة بنت أحمد المروزية راوية البخاري سمع منها الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره من الحفاظ الكاتبة شهدة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري الإبري وغيرهن كثير أما على سبيل التجارة فأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ومن الذين عملوا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تزوجها الزبير وماله في الأرض من مال ولاشيئ غير فرسه وشيئ يسير فكانت تعلف الفرس وتسقي الماء وتعجن أم مبشر الأنصارية كانت تعمل في نخل لها وأيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ( لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت به صدقة ) رائطة بنت عبدالله بن معاوية الثقفية زوجة عبدالله بن مسعود كانت امرأة ذات صناعة وماهرة فيها فقالت يا رسول الله إني امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لي ولا لزوجي ولا لولدي شيئ فهل أنفق عليهم فقال ( أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم ) وغيرهن كثير أما على سبيل الطب والجراحة فنجد بعض الصحابيات الجليلات رضي الله عنهن كن يعملن في تطبيب المرضى والجرحى الصحابية الجليلة كعيبة الأسلمية المعروفة باسم رفيدة الأسلمية رضي الله عنها من قبيلة بني أسلم إحدى قبائل الخزرج اشتهرت رضي الله عنها في تضميد الجروح وكانت تصحب جيوش المسلمين بل تواتر أنه أقيم لها خيمة بجوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عالجت الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه عندما أصيب برمية قوية في معركة الخندق الصحابية الجليلة أم عطية رضي الله عنها اشتهرت بالجراحة وغزت مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تداوي الجرحى الصحابية الجليلة أم سليم رضي الله عنها اشتركت في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم ومعها نسوة من الأنصار يسقين الماء ويداوين الجرحى أم سنان الأسلمية وأم أيمن ونسيبة بنت كعب المازنية وأميمة بنت قيس الغفارية وسلمى أم رافع مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذة الغفارية وغيرهن من الصحابيات والتابعيات اشتهر عنهن العمل مفتيات وفقيهات وتاجرات وطبيبات علينا أن ننظر إلى المرأة أنها بحق شريكة الرجل وأنها قادرة على إفادة المجتمع في كثير من المجالات وليترك من كان في قلبه أدنى ظن وشك قال تعالى ( يأيها الذين ءامنو اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) نعم لوجود ظوابط في سوق العمل وغيره تكون تحت مضلة الشرع ولا بد علينا قبل ذلك أن نعلم أن بناتنا وشبابنا الأصل فيهم الأدب والخوف من الله وبهذه الظوابط يردع المنحل المستهتر والمتطرف المتشدد سواء من الرجال أو النساء ويؤخذ على يد المخطئ ويوجه وان شاء الله الظاهر في المسلمين الخير والصلاح ولنعلم أن المعاملة الراقية المهذبة تجد آثارها كما رآها من قبلنا ونراها نحن وسيراها من بعدنا بإذن الله تعالى الدين دين اليسر والسماحة فلنقتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم أسأل الله العظيم أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وأن يرزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه وأن يديم الأمن والأمان ورغد العيش في بلادنا ويرد كيد الكائدين في نحورهم وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين *إمام وخطيب جامع القاسم بمكة المكرمة