عندما نتكلّمُ عن اللّغة فإنّنا نقول: اللّغة وعاءُ الفكر والعلم وناقلهِ بين الأُمم, هي حافظة الثّقافة بالكتابةِ ومحفوظةٌ بها, واللُّغة العربية لغةٌ خصّها الله بأن تكون لغة آخر معجزات الله في الأرض, القرآن الكريم: "إنَّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعْقِلُونَ"( يوسف: 2). في قومٍ عُرفوا بحُبّهم للغتهم العربية منذُ العصور الجاهلية وتباهيهم بمدى معرفتهم لقواعدها وتطبيق نواحيها الجمالية وتغنِّيهم بها في نظمِ الشِّعرِ العربي, فأبدعوا وتعمقوا بكثرةٍ في قواعدها اللُّغوية, والنُّحوية, والإملائية, رغم صعوبتها, متحدين بذلك كل اللّغات من حيث اتّساعِ مداها وقدرتها على استيعابِ المعاني الجليّة.
ثم جاء القرآن الكريم باللّغة العربية: " كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"( فصلت: 3).. فتحدّى بذلك العرب الذين برعوا بلغتهم أن يأتوا بمثلهِ, وحظيتْ باهتمامٍ لمْ تحظى به غيرها من اللّغات بأمرٍ نافذٍ من الله: " (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ( الحجر: 9).. فحفظها بحفظ كتابه إلى قيام الساعة. فهي اللّغة الخالدة التي تحمل ثقل الكلام الإلهي وقوة الخطاب الرباني, اصطفاها لتكون لغة كتابه الكريم الذي يخاطب البشرية جمعاء.
لغةُ القرآنِ يا شمسَ الهُدى ……صانكِ الرحمن من كيدِ العدى. هل على وجهِ الثرى من لغةٍ……أحدثت في مسمعِ الدهر صدى. مثلما أحدثته في عالمٍ……عنك لا يعلم شيئًا أبدًا. فتعاطاكِ فأمسى عالمًا……بكِ أفتى وتغنى وحدًا..
واكتسبت اللُّغة العربية أهميتها بكونها لغة قومٍ امتازوا بفصاحةِ اللّسانِ وقُوّةِ البيان, وكان القرآن الكريم بها متحديًا لهم: "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ" ( الشعراء: 193-195).. فبعث الله نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- لمخاطبة قومه بلسانهم العربي: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ "( إبراهيم: 4).. فأفصح الكلام بعد القرآن الكريم كلام النبيِّ محمد- صلى الله عليه وسلم- لِذا فقريش أفصح العرب, والنبيّ محمد- صلّى الله عليه وسلم- أفصح قومه. واللّغة العربية لغة الدين الإسلامي, التي عني بها أعلام الأمة حيث قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلموا العربية فإنها تُنبت العقل،و تزيد في المروءة ).. لذا حمل العرب الإسلام إلى العالم, وحملوا معه اللّغة العربية لغة القرآن الكريم, فاستعربت الشعوب وتركت لغاتها الأولى وآثرت اللّغة العربية لغة القرآن فحُبهم للإسلام هو الذي عرّبهم فهجروا دينًا إلى دين ؛ وهجروا لغةً إلى لغة.. وهذا مالم تحظى به لغة من قبل ومالم يحظى به دين من الأديان.
فحسبُنا مِنْ لِسانِ الضّادِ أنّ له. . . . . . . فيضاً من النّور أو نبعاً صَفا وجَلا وأنه اللغة الفصحى نمت وزهتْ. . . . . . . تنزّلتْ وبلاغاً بالهُدى نزلا وأنه ، ورسول الله يُبلغه. . . . . .. ضمَّ الزمان وضمَّ الآيَ وَالرُّسلا وأنه الكنزُ لا تفنى جواهره. . . . . . يُغْني اللياليَ ما أغْنى بِهِ الأُوَلا
وقد زادت أهميّة العناية بتعلم اللّغة العربية حين ابتعد الناس عن ملكاتها اللّغوية السليمة, وضعف إدراك معاني الآيات الكريمة, بعد أن خالطوا العجم وتغيرت تلك الملكات بما ألقاه المستعربين من العجم فيها فجنحت إلى ما يغايرها. الأمر الذي خشي معه العلماء ضياع الأداة المعينة على فهم معاني القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. لذا فعلى كل مسلم أن يعرف أهمية هذه اللّغة ومكانتها وأنه لا غنى لنا عنها, فهي جزءٌ لا يتجزأ من فهم ديننا وحفظ هويتنا الإسلامية والعربية, التي لابد أن نعتز بها لا بغيرها من اللغات.
أنا لا أكتبُ حتى أشتهرْ. . . . . . . لا ولا أكتبُ كي أرقى القمرْ أنا لا أكتب إلا لُغةً. . . . . . . في فؤادي سكنتْ مُنذُ الصِّغر لغةُ الضّادِ و ما أجملها. . . . . . . سأُغنِّيها إلى أن أندثرْ
أسألُ الله أن يردّنا إلى لغتنا ( اللّغة العربيّة ) ،،، وأن يزيدنا علمًا بها.