أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله في السر والعلانية وأنها مهبط الفضائل ومتنزل المحامد , وقال في مستهل خطبته : بيت الله وحرمه , وشعائره ومقدساته , لم تزل من الله في مأمن , وعليها منه لاحظ وحافظ , يسخر الله لحفظها الإنس والطير والجماد , وفي الحديث المتفق عليه أنه في آخر الزمان تخسف الأرض بجيش يغزو الكعبة . وأردف فضيلته : ومن آيات الله السالفات وأيامه الخالدات , حمايته لبيته من غزو أبرهة وأفياله , وقد خلد الله ذكر الفيل وأهمل صاحبه هواناً له وإطفاء لذكره . وأكد فضيلته : إن نجاح موسم الحج نصر يفرح به المؤمنون , ولا يكرهه إلا المنافقون (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) . وأضاف فضيلته قائلا " أما شعار الحج فهو التكبير والتلبية وكلها تعظيم لله وتوحيد فلا يذكر مع الله أحد ولا يدعى من دونه أحد , إن الإصرار على إخلاص الحج من كل شائبة تناقض هذا المقصد هو من توفيق الله تعالى وحفظه لهذا البيت وقاصديه فلا دعوة لغير الله , ولا تعظيم إلا لما عظمه الله , وليس الحج ميداناً للمزايدات السياسية والمناكفات والخصومات. وأشار فضيلته : من أسباب الحافظة للحج , هو اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم , والذي قال الله عنه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) , لقد تركنا النبي صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك , وكتاب ربنا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قائمة بيننا , إليهما المرجع والتحاكم. وقال الشيخ صالح آل طالب : الإسلام دين الوسط واليسر قد علق به من الشوائب ما غطى بهاءه وصفاءه وفرق المسلمين وشتتهم والأدهى من ذلك إثارة الغبار على عامة المسلمين بتمزيقهم وتحزيبهم وجعلهم فرقاً وشيعاً , مما يؤكد أن في داخل الأمة أدواء لا تقل خطورة عن ضرر أعداءها من الخارج , إن على العلماء أن يبينوا للأمة حقيقة ومقتضى قول الله عز وجل (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) والواجب هو وأد كل خلاف يشق صف المسلمين ويفرق جمعهم , فليست الأمة في حال رفاه يسمح لها بمزيد من التدابر والتقاطع , ومن سعى في تفريق وعزل , فهو المعتزل لوحده , وهو الناد عن جماعة المسلمين , ويبقى عموم المسلمين في دائرة الإسلام والوحدة , يجمعهم كتاب الله وسنة رسوله , قبلتهم واحدة ودينهم واحد. وأشار فضيلته إلى أنه في موسم هذا الحج بان بفضل الله مظهر الاجتماع والائتلاف والوحدة والاجتماع , وهو السبب الثالث من أسباب النجاح , فاجتماع الحج هو أعظم مؤتمر على وجه الأرض , يظهر فيه سعة أفق أهل السنة والجماعة في احتواء المسلمين كلهم دون تفرقة , بل هو تحت شعار الإسلام وقصد رضى الرحمن , ومما أحاط الله به بيته الحرام وحجاجه الكرام , الأمن والطمأنينة والسلام ( أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم ). وينوّه آل طالب : الحج مسيرة أمن وسلام : فلا نداء إلا بتوحيد الله , ولا دعاء إلا لله , ولا هتاف إلا بالتكبير , وهو رسالة لكل العالم أن هذا الدين وشعائره , رحمة وعدل وأمن وسلام , وأن الإسلام والمسلمين برءاء من مسالك العنف والإرهاب , والإقصاء والعداء , ونحن نقف موقف شكر وإكبار , لرجال الأمن الساهرين على أمن الديار المقدسة وأرص الحرمين الشريفين , في حدودها وثغورها , وحماية للديار وحفظاً للذمار. واختتم فضيلته الخطبة مذكراً الحجاج : إذا أراد الحاج أن يرجع إلى بلده فيجب عليه أن يطوف بهذا البيت طواف الوداع ولا يلزمه سعى له ولا حلق , وعلامة الحج المبرور أن تعود خيراً مما كنت , ومن طهرت صحيفة عمله بالغفران فليحذر العود إلى دنس الآثام .