يعلم الجميع أن الطفل في مراحل نموه الأولى حتى سن المراهقة هو وعاء لكل ما يسكب في أذنيه أو ما تشاهده عيناه ، فهو يتلقى كل ما يسمعه أو يشاهده ويحاول تطبيقه على أرض الواقع ، كون تلك المرحلة هي مرحلة التعلم الأولى من مدرسة الحياة فهو يتأثر ولا يؤثر ، لذلك نجد كثيراً من أبناءنا عندما يستمعون لبعض الكلمات التي يستخدمها بعض الممثلين في المسلسلات التلفزيونية والتي تسمى (أوفيه) نجدهم بمجرد انتهاء المسلسل يرددون الكلمة ويستخدمونها بشكل مستمر في تعاملاتهم مع الغير وإن كانت تلك الكلمات محرمة دينياً أو غير لائقة أدبياً أو اجتماعياً فهو لا يعلم مدى سلبية هذه الكلمة أو تلك ، ولا حضنا جميعاً نماذج من تلك الكلمات التي أستخدمها بعض الممثلون في بعض المسلسلات وسرعان ما انتشرت بين أبناءنا وأخذوا يرددونها لفترة ليست بالقصيرة بعد عرض المسلسل ، ومن تلك النماذج ما جاء في مسلسل (سكتم بكتم) في كلمة (مع نفسك) وفي مسلسل (غشمشم) كلمة (طاعون) وفي مسلسل (بيني وبينك) كلمة (معقولة ... قسم) وكلمة (كُل تبن) وبمناسبة هذه الكلمة ذكر لي أحد الأصدقاء موقف له مع ابنه المراهق بعد عرض أحد حلقات هذا المسلسل قبل أعوام الذي ترددت فيه هذه الكلمة مباشرة : فيقول بينما أنا أخاصم إبني لموقف حصل منه بادرنا وبسرعة وبشكل لا إرادي وربما غير مقصود منه فقال لي (كُل تبن) وهذا موقف أكد لي خطورة الكلمات التي يلقّنها الممثلين لأبنائنا ويغرسون فيهم أسس تربوية غير مباشرة خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي تعج فيه الفضائيات بالمسلسلات ، فالطفل في هذه المرحلة يريد أن يتعلم فيلتقط كل ما يسمعه أو يشاهده حتى أن أحد الأصدقاء من معلمين التربية البدنية يقول لي أن الطلاب في المدرسة عندما يلعبون كرة القدم ويسجل أحدهم هدف ينطلق ويقوم بعمل حركات رياضية قد شاهدها في التلفزيون تقليداً لبعض اللاعبين الذين تأثر بهم ، وقد أستشهد على ذلك بحركة اللاعب الدولي ياسر القحطاني التي يقوم فيها بعد تسجيل الهدف بحركة القناص الذي يرمي بالبندقية والتي يعبرّ من خلالها الكابتن ياسر بأنه (القناص) وهذا نموذج من كثير من الحركات التي يقوم بها اللاعبين أو الكلمات التي يستخدمها الممثلين ، فمن هذا الواقع الذي لا نختلف عليه جميعاً ، أناشد جميع الممثلين بالحرص على انتقاء كلمات تساعد في التربية وتساهم في بناء جيل اليوم من أبناءنا في ظل انتشار الغث في فضاء الله المفتوح الذي تملأه الأقمار الصناعية التي تبث مختلف القنوات الفضائية وتوجهاتها المختلفة ، فالقائمون على التربية يحتاجون من يساهم معهم ويساعدهم لتربية الأبناء وغرس أساسيات التربية السليمة فالأسرة والمدرسة أصبح لهم شريكٌ ثالث في التربية وهي القنوات الفضائية ، وقد أكدت ذلك العديد من الدراسات الحديثة وقد رصدت أنا ذلك أيضاً من خلال بحثي في رسالة الدكتوراه المنشور في موقع جامعة أم القرى الإليكتروني والذي كان بعنوان (أثر الفضائيات على المراهقين والمراهقات في المملكة العربية السعودية من وجهة نظر التربويين والتربويات) ومع الأسف هذا هو الواقع شئنا أم أبينا فالإعلام شريك مؤثر في التربية وبحد كبير . ممثل القناة الثقافية بمكة معد ومقدم البرامج بالقناة مستشار إعلامي لجمعية المسرحيين السعوديين بمكة عضو اللجنة الإعلامية بنادي مكة الثقافي الأدبي