سرطان ينخر في جسد المجتمع حتى يفنيه, إنها المخدرات جند من جنود إبليس على الأرض لتدمير اشرف المخلوقات "الإنسان" الذي كرمه الله تعالى عن سائر مخلوقاته ووهبه ملكة العقل والاختيار دوناً عن بقية الخلق, فيأتي إبليس وجنوده لإفساد تلك النعمة وتلك الكرامة عن الإنسان بزوال عقله وإدخاله بغياهب الإدمان وتبعاته, وللأسف فان تلك الظاهرة في ازدياد وانتشار مستمر حول العالم رغم الجهود العالمية لمكافحة والتقليل من خطورة الإدمان ونشر الوعي بين المجتمعات، فقد أصبحت تجارة المخدرات تجارة رائجة ذات صيت واحتلت المرتبة الثالثة من حيث الحجم اى حوالي 10 % من حجم التجارة العالمية حتى الآن . وتتعدد آفات إدمان المخدرات في المجتمع إلى أن توصل المدمن إلى طريقا مسدودا ويأس كاملاً من الحياة، وذلك بالرغم من الاعتقاد الخاطئ بأنها الملاذ والملجئ من الهموم والمعاناة فهي تعد سبباً أساسي بإنهاء الحياة واللجوء إلى الانتحار . فبعد أن تقوم المخدرات بالسيطرة الكاملة على عقل وفكر وجسد المدمن تجعله ينفصل شيء فشيء عن الواقع، ومن ثم يفقد الترابط الأسرى والعاطفي بالكلية، بل ويزداد الأمر سوءاً بتصديره للأمراض النفسية مثل القلق والتوتر الانفعالي والعصبية والحساسية المفرطة والشعور الدائم بعدم الاستقرار، وهذا بالطبع يدفع المدمن على سوء إدارته لحياته من الناحية العلمية والعملية، فيقلل الإدمان نسب التركيز لأنه يعمل على تآكل ملايين الخلايا العصبية بالمخ مما يقلل صفائه الذهني وقدراته العقلية بل ويقتل لديه أي دافع للعمل أو النجاح . ولا يقتصر الأمر على تدمير الإنسان نفسياً وعقلياً وفصله عن واقعه وعن ترابطه الأسرى وميله للعزلة وحبه للانطواء وفقط، بل تدفعه إلى ارتكاب كل أنواع المعاصي والموبقات من جرائم القتل أو الزنا والسرقة ..إلخ، فقد غاب عقله وإنسانيته فأصبح وحشاً يفتقر إلى التمييز بين الحلال والحرام ولا شيءٍ يردعه، حتى يصل إلى مرحلة اليأس الكامل وتتملكه رغبة قوية بالإنهاء الفوري لحياته فلم يعد لها معنى لديه. وقد أكدت العديد من الدراسات أنه من ضمن ثلاث محاولات للانتحار واحدة منهم سببها إدمان المخدرات فهي تعد سبباً رئيسي للقيام بالانتحار، ومن هنا تهزم الأوطان والأمم فالشباب هم عماد المستقبل وعليهم تقام الخطط والمشاريع المستقبلية، وباتت المخدرات من القوى الناعمة لاغتيال شباب المستقبل وإذلاله وإفشاله حتى يصبح بلا قيمة أو إفادة لوطنه ولمن حوله بل عبئاً عليهم، فالأمم لا توزن بما لديها من أموال أو ثروات، وإنما تقاس بسواعد شبابها الأصحاء فهم ذخر لأي وطن، لذا وجب على الدولة أولاً والمجتمع ثانياً بوضع خطط توعوية للشباب وتحذيره من عواقب الأمر وتبعاته، وبث تعاليم الإسلام فيهم بالابتعاد عن كل ما حرمه الله تعالى لما فيه من أضرار بالغة بالإنسان وأنه الرقيب عليه في كل مكان . محمد عبدالله الراشد