فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة توجيهية لمنسوبي الدفاع الجوي بجازان    ارتفاع أسعار النفط عند التسوية    أمير القصيم يكرم بندر الحمر    نجل بولسونارو: والدي دعم ترشحي لرئاسة البرازيل في 2026    البيت الأبيض: أوروبا معرضة لخطر «المحو الحضاري»    اكتشاف استثنائي لمئات التماثيل الجنائزية بمقبرة تانيس في مصر    سالم الدوسري عن قرعة المونديال : لكل حادث حديث... حالياً تركيزنا على كأس العرب    أمير الرياض يتوج الفائزين بأول السباقات الكبرى على كأسَي سمو ولي العهد للخيل المنتَجة محليًّا ولخيل الإنتاج والمستورد    مساعد رينارد يتفوق عليه في فوز الأخضر الكبير بكأس العرب    نائب أمير الرياض يعزي رئيس مركز الحزم بمحافظة وادي الدواسر في وفاة والدته    الأخضر يتغلب على جزر القمر بثلاثية ويتأهل لربع نهائي كأس العرب    منتخب السعودية يتأهل لربع نهائي كأس العرب بالفوز على جزر القمر    جمعية ريف تُكرَّم في المنتدى الدولي للقطاع غير الربحي لحصولها على شهادة الاستثمار ذي الأثر الاجتماعي عن مشروع "مطبخ طويق"    المكسيك تواجه جنوب إفريقيا في افتتاح كأس العالم 2026    الأخضر الأولمبي يتغلب على البحرين بخماسية في كأس الخليج    نادي وسم الثقافي بالرياض يعقد لقاءه الشهري ويخرج بتوصيات داعمة للحراك الأدبي    تقارير.. حقيقة خروج نونيز من الهلال في الشتاء    جامعة القصيم تحصد الجائزة الوطنية للعمل التطوعي لعام 2025    Gulf 4P, CTW & Mach & Tools 2025 المنصّة الإقليمية الرائدة للابتكار والتقدّم الصناعي    بمشاركة 3000 مستفيدًا من منسوبي المساجد بالمنطقة … "الشؤون الإسلامية" تختتم برنامج "دور المسجد في المجتمع" لمنسوبي مساجد الشريط الحدودي بجازان    سيبراني تختتم مشاركتها في بلاك هات 2025 وتُعزّز ريادتها في حماية الفضاء السيبراني    خطيب المسجد النبوي يبيّن مكانة آية الكرسي وفضلها العظيم    الدكتور المعيقلي يزور مقر الاتحاد الإسلامي في جمهورية مقدونيا الشمالية    مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون يفوز جائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير القطاع الصحي    الذهب يستقر مع ضعف الدولار وسط رهانات خفض أسعار الفائدة وتراجع عوائد السندات    مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يشارك في مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025    اللواء العنزي يشهد حفل تكريم متقاعدي الأفواج الأمنية    هيئة الهلال الاحمر بالباحة تشارك جمعية الاطفال ذوي الاعاقة الاحتفاء باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    جمعية التطوع تفوز بالمركز الأول في الجائزة الوطنية للعمل التطوعي    وزير التعليم يلتقي القيادات بجامعة تبوك    اعلان مواعيد زيارة الروضة الشريفة في المسجد النبوي    المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله    التوصل لإنتاج دواء جديد لعلاج مرض باركنسون "الشلل الرعاش"    أمين جازان يتفقد مشاريع الدرب والشقيق    الدفاع المدني يحتفي بيوم التطوع السعودي والعالمي 2025م    أمير تبوك يستقبل معالي وزير التعليم ويدشن ويضع حجر الأساس لمشروعات تعليمية بالمنطقة    جمعية سفراء التراث تحصد درجة "ممتازة " في تقييم الحوكمة لعام 2024    تهامة قحطان تحافظ على موروثها الشعبي    معركة الرواية: إسرائيل تخوض حربا لمحو التاريخ    سفير المملكة في الأردن يرعى حفل ذوي الإعاقة في الملحقية    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    مفردات من قلب الجنوب ٣١    أمير تبوك يواسي في وفاة محافظ الوجه سابقاً عبدالعزيز الطرباق    قمة البحرين تؤكد تنفيذ رؤية خادم الحرمين لتعزيز العمل الخليجي وتثمن جهود ولي العهد للسلام في السودان    سمر متولي تشارك في «كلهم بيحبوا مودي»    معرض يكشف تاريخ «دادان» أمام العالم    الناتو يشعل الجدل ويهدد مسار السلام الأوكراني.. واشنطن وموسكو على حافة تسوية معقدة    أكد معالجة تداعيات محاولة فرض الأحكام العرفية.. رئيس كوريا الجنوبية يعتذر عن الأخطاء تجاه «الشمالية»    برعاية خادم الحرمين..التخصصات الصحية تحتفي ب 12,591 خريجا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    مقتل آلاف الأطفال يشعل الغضب الدولي.. العفو الدولية تتهم الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب    تعاون سعودي – كيني لمواجهة الأفكار المتطرفة    آل حمدان يحتفل بزواج أحمد    فرع الموارد البشرية بالمدينة المنورة يُقيم ملتقى صُنّاع الإرادة    صيني يعيش بولاعة في معدته 35 عاماً    ابتكار علاج صيني للقضاء على فيروس HIV    الكلية البريطانية تكرم الأغا    لم يكن يعبأ بأن يلاحقه المصورون    القيادة تعزي رئيس سريلانكا في ضحايا إعصار ديتواه الذي ضرب بلاده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخدرات.. البوابة الأولى لعالم الجريمة !
مدير المشروع الوطني«نبراس» محذراً من حجم الضرر الصحي والاجتماعي والاقتصادي لهذه الآفة:
نشر في الرياض يوم 02 - 11 - 2015

أوضح د. نزار الصالح –الرئيس تنفيذي للمشروع الوطني للوقاية من المخدرات «نبراس» وأستاذ علم النفس بجامعة الملك سعود- أنَّ تعاطي المؤثرات العقلية سلوك بشري منحرف يفتك بالفرد والمجتمعات، مُضيفاً أنَّ الأسرة هي صمام الأمان لوقاية الأبناء من مخاطر هذه الآفة.
وأشار إلى أنَّ هناك أبحاثا متخصصة في مجال طب الإدمان، وعلم السموم والأوبئة، وفي مجال الجريمة والانحراف، ومجال برامج مواجهة ظاهرة المخدرات، توصلت إلى نتائج وحقائق راسخة حول خطر تعاطي المؤثرات العقلية وأثرها على كل من الجهاز العصبي والعقل، إلى جانب خطرها على التصرف والسلوك البشري والمحيط الأسري.
وأكَّد في حديثه ل «الرياض» أنَّ ظاهرة تعاطي المخدرات وبقية المؤثرات العقلية، هي ظاهرة سلوكية بشرية سلبية خطيرة جداً على الفرد والمجتمع والأسرة، حيث يقصد بها تعاطي بعض أفراد المجتمع مواد قابلة للإدمان، كالمخدرات والمسكرات والمستنشقات والمخدرات الطبية، وفيما يلي نص الحوار:
ضعف التحصين الاجتماعي وعدم استقرار الأسرة يزيدان نسب التعاطي.. والضرر يطال الفرد والمجتمع
تعريف المخدرات
* هل هناك تعريف محدد للمخدرات وغيرها من المؤثرات العقلية؟
- هذه المواد تسمى مخدرات أو مؤثرات عقلية، وهي مواد تذهب العقل ورشد التصرف، وتؤدي إلى إصابة الفرد بمرض الإدمان الماثل في حدوث تغيرات حاسمة في وظائف المخ وتركيبته.
تشخيص الإدمان
* كيف يمكن تشخيص الإدمان بين الأطباء؟
-يمكن تشخيصه بإلزامية السعي للحصول على المخدر مع علم الفرد بمضار التعاطي وما يترتب على فعله من عقوبات.
آثار تعاطي المخدرات
* وماهي الآثار المترتبة على تعاطي المخدرات؟
- يؤدي تعاطي المخدرات إلى تغيرات سلوكية ضارة بالفرد والأسرة وإنتاجية العمل وباستقرار المجتمع، فضلاً عن أضرارها الصحية الأخرى والمتعدية على الآخرين، ولعل من أبرز المضار المترتبة على تعاطي المخدرات، إصابة الفرد بمرض إدمان المخدرات، وهي أمراض نفسية شديدة الخطورة، وأمراض جسدية فادحة، وتغيرات سلوكية حادة مصحوبة باضطرابات عالية في المزاج، وتغير في سمات الشخصية، إلى جانب التحوّل إلى الشخصية الاضطهادية الانفعالية والانعزالية، وكذلك الوقوع في مشكلات حادة أسرية واقتصادية وتعليمية ومهنية وأمنية، وإهمال الواجبات الدينية والأسرية والمهنية، إضافةً إلى عدم الرضا عن الذات وانخفاض تقديرها.
سعي إجباري
* وكيف يمكن تفسير الأطباء السعي الإجباري للحصول على المخدر، مع علم المتعاطي السابق بالمضار والعقوبة؟
- يحدث هذا السلوك نتيجة لما أُصيب به العقل من تغيرات حاسمة أثرت على وظائفه، وهذا ما يجعل العقل يصدر إشارات لا إرادية تدفع بالمتعاطي جبرياً للحصول على المخدر، وتجعل الفرد في حالة من التوتر والعصبية وعدم الاكتراث بأيّ شيء عدا الحصول على المخدر.
تركيب المخدرات
* ممَّ تتكون المخدرات والمسكرات والمستنشقات؟
- هذه المواد ذات تركيب كيميائي ضار بالصحة، إذ تؤثر بشدة على العقل ونظامه، وعلى الجهاز العصبي، حيث تجعلها غير قادرة على أداء وظائفها الطبيعية، بل وتعمل على تعطيلها بتشكل كامل على مدى أشهر وسنوات، وهذه المخدرات والمؤثرات العقلية هي: إمَّا مواد طبيعية أو مستخلصة أو مشتقة من مواد طبيعية، أو مواد مركبة تركيباً كيميائياً، وهي تؤثر حين تعاطيها على وظائف العقل والجهاز العصبي، وتغير من قدرة الإنسان على التصرف بتوازن ووعي كاملين، نظراً لما تحدثه من تغيرات في كيميائية العقل والجهاز العصبي، وهذه المؤثرات العقلية هي كل مادة خام أو مستحضر يحتوي على عناصر ومركبات منبهة أو مسكنة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية الموجهة أن تؤدي إلى حالة من التعود والإدمان على تعاطيها، ممَّا يضر بالفرد والمجتمع جسمياً ونفسياً واجتماعياً.
أنواع المخدرات
* وماهي أنواع المخدرات؟
- هناك أربعة أنواع من المخدرات والمؤثرات العقلية، وهي: "المخدرات غير الشرعية"، وهي مواد طبيعية ومستحضرة ومصنعة لها مفعول مخدر أو منشط ويسبب تعاطيها مرض الإدمان، وليس لها أيّ استخدام طبي، ومن أمثلتها الهيروين والكوكايين والحشيش والإمفيتامين وحبوب الهلوسة، وهذه المواد لا يسمح القانون بتداولها ولا تناولها ويعاقب على حيازتها، أمَّا النوع الثاني فهي "المخدرات الطبية"، وهي مخدرات شرعية طبياً، كما أنَّها عقاقير طبية تستخدم لأغراض طبية، ولا تصرف للاستخدام إلاَّ بوصفة طبية مقننة، لكنَّ إساءة استخدامها يسبب الإدمان، ويُعدُّ استخدامها قانونياً بدون وصفة طبية إساءة استعمال لمواد تؤدي إلى الإدمان على تعاطيها وتضر بالصحة، وهو أمر تتم المعاقبة عليه.
أمَّا النوع الثالث فهو "الكحول"، ويقصد بها المشروبات التي تحتوي على نسب من العناصر المسكرة والمذهبة للعقل، نظراً لاحتوائها على نسب من المواد الفاعلة الكحولية التي تسبب الإسكار والثمل، وتشمل المسكرات المصنعة لغرض السكر، والعرق المصنع محلياً، فضلاً عن استخدام الكولونيا العطرية التي يستخدمها قلة من المتعاطين، بينما يتمثَّل النوع الرابع في "المستنشقات"، ويقصد بها المواد الطيارة ذات التأثير العقلي التي توجد عناصرها الفاعلة في كثير من المنتجات المنزلية، مثل: منظفات الفرن والبنزين والدهانات الرشيّة وغيرها من المواد النفاثة، وهي تتسبب في حدوث تغييرات عقلية حين استنشاقها.
تعريف المُخدِّر
* ماذا نعني بمصطلح مخدر في مجال علم الأدوية؟
- إنَّ المخدرات والمسكرات مواد ذات تركيب كيميائي من أصول نباتية في الغالب، وفي مجال علم الأدوية يستفاد من الأشجار الطبيعية والنباتات في استخلاص عقارات وأدوية لعلاج الأمراض التي تصيب الإنسان، ومصطلح مخدر يعني في مجال علم الأدوية والسموم أيّ مادة تعمل كبديل لأيّ وظيفة طبيعية في جسم الكائن الحي عندما يمتصها الجسم، وهي تتفاعل مع كيمائية الجسد، ويؤدي تعاطي المخدرات والمسكرات بشكل مباشر إلى احتلال وظائف حيوية في الجسد وتعطّل وظائف أخرى، ويسبب ذلك ضرراً فادحاً في صحة الجسد عامة، وصحة الجهاز العصبي والمخ بشكل خاص.
اعتماد وظيفي
* هل من الممكن أن يتطور تعاطي المخدرات إلى درجة من الاعتماد الوظيفي لوظائف المخ والجهاز العصبي على المادة التي يتم تعاطيها؟
- نعم من الممكن أن يحدث ذلك، حيث يمكن أن يتطور الأمر بشكل متدرج وغير مدرك لدى المتعاطي إلى درجة من الاعتماد الوظيفي لوظائف المخ والجهاز العصبي على المادة التي يتم تعاطيها، وهو مايسمى بمرض إدمان تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، الذي يشخص بإلزامية السعي للحصول على المخدر حتى مع العلم المسبق بأضراره، وجميع المواد ذات التأثير العقلي لها صفة قابلية الإدمان على تعاطيها، وتعرف في العرف العلمي بأنَّها مؤثرات عقلية، ولعل أخطرها وأكثرها شيوعاً هو نمط تعاطي المخدرات غير الشرعية، الذي تصل نسبة انتشاره إلى قرابة (80%) من غير نسبة الإدمان على الكحول والمخدرات الطبية والمستنشقات.
عوامل الإدمان
* وما العوامل التي تساعد في حدوث الإدمان؟
- إنَّ غالبية من يتعاطون المخدرات ويستمرون على تعاطيها، يصابون بمرض الإدمان نتيجةً لتعرضهم المكثف لمواد ذات تأثير على المخ وخلاياه ووظائفه، ومرض الإدمان يجعل هؤلاء أكثر تكرراً لتعاطي المخدرات وأكثر تعلّقاً بها بشكل جبري، وهناك سبعة متغيرات تؤثر في شدة وسرعة الإصابة بمرض الإدمان، وهي: تعاطي المخدرات في سن مبكرة من العمر، والانتظام على تعاطي المؤثرات العقلية، وكمية المواد التي يتم تعاطيها، ومدة التعاطي، إلى جانب الطريقة التي يتم بها تناول المخدرات، والخلط بين أكثر من مادة، وكذلك العوامل الحيوية "البيولوجية"، كقابلية الإصابة بتغيرات جينية، إضافةً إلى حساسية خلايا المخ ودرجة مقاومتها للاختراقات والتأثيرات الخارجية.
ولعل تعاطي المخدرات في أيّ سن يؤدي بشكلٍ عالٍ لاحتمالية الإصابة بمرض الإدمان، وتزيد هذه الاحتمالية بشكل أعلى لدى الأشخاص الذين يبدؤون باستخدام المخدرات في وقت مبكر من عمرهم، وذلك لكون المخ لا زال في مرحلة تشكّل، خاصةً منطقة الناصية، المسؤولة عن صناعة القرار في المخ، وهي تكتمل بعد بلوغ سن ال (21) من العمر.
مرض الإدمان
* إلى ماذا تعود الإصابة بمرض الإدمان؟
- تعود هذه الإصابة بمرض الإدمان لطبيعة الآثار الضارة التي تحدثها العقاقير المخدرة على المخ ووظائفه، خاصة خلال مرحلة نمو الفرد الجسماني والعقلي، ومع أنَّ خطر الوقوع في تعاطي المخدرات، وبالتالي الإصابة بمرض الإدمان، ناجم عن كوكبة من عوامل عدم التحصين الاجتماعي ضد تعاطي المخدرات وعوامل الضعف البيولوجي، التي تتضمن قابلية الإصابة الوراثية والمرض العقلي وعدم استقرار العلاقات الأسرية والتعرض للاعتداء البدني أو الجنسي، إلاَّ أنَّ الاستخدام المبكر للمخدرات يظل مؤشرا قويا على ظهور مشكلات في المستقبل لدى الفرد، ومن بينها تعاطي وإدمان المخدرات.
توقف إرادي
* هل يمكن أن يتوقف المتعاطي عن تعاطي المخدرات بشكلٍ إرادي؟
- إنَّ كل الأفراد تقريباً ممَّن انتظموا على تعاطي المخدرات وأصيبوا بمرض الإدمان، كانوا يعتقدون في بداية التعاطي أنَّهم يستطيعون إيقاف تناول المخدرات بإرادتهم، إلاَّ أنَّهم بعد أن أُصيبوا بمرض الإدمان نتيجة استمرارهم على تعاطي المخدرات، اكتشفوا أنَّهم لا يستطيعون وقف التعاطي، وقد حاول الكثير منهم التوقف بدون مساعدة علاجية، لكنَّ غالبية هذه المحاولات باءت بالفشل في تحقيق امتناع كلي أو طويل الأجل عن تعاطي المخدرات، فسرعان ما يعاودون التعاطي، وذلك بسبب إصابتهم بمرض الإدمان، وقد أظهرت العديد من الأبحاث أنَّ الاستعمال الطويل للمخدر ينتج عنه تغيرات عميقة وحاسمة في وظائف المخ، وهي تدوم طويلاً بعد توقف الأفراد عن التعاطي، ومن ضمن ما تشتمل عليه هذه التغيرات، أن يصبح السلوك ملتزما بتعاطي المخدرات.
نظام الاتصال العصبي
* وما هو تأثير المخدرات على الخلايا العصبية وأنظمة العقل؟
- المخدرات مواد كيميائية تعمل بطريقة خاصة في الجسم والعقل، وتعمل المخدرات في الدماغ من خلال اختراقها نظام الاتصال العصبي، ومن ثمَّ تتداخل مع عمليات وطرق إرسال واستقبال الخلايا العصبية للمعلومات التي تعمل على معالجتها عقلياً لتؤثر في أسلوب وطريقة معالجة المعلومات، وتؤثر بعض المخدرات، كالحشيش أو الهيروين، في أسلوب عمل الخلايا العصبية، لأنَّ تركيبها الكيميائي يتشابه مع تركيب الناقل العصبي الطبيعي، الذي يسمح للخلايا العصبية عادة بدخولها إلى داخلها لإيصال الرسائل العصبية لخلايا العقل، وهذا التشابه في التركيبة الكيمائية بين الناقل العصبي الطبيعي وبين المخدر، يخدع المستقبلات العصبية التي تستقبل الرسائل، فتقوم بإدخاله إلى داخل الخلية العصبية في المخ، ومن ثم تفعيل الخلايا العصبية.
وإذا دخلت هذه المخدرات التي تحاكي كيميائية الناقل العصبي في المخ، فإنَّها تعمل بطريقة مختلفة، حيث تُنشّط تفاعلية الخلايا العصبية تنشيطاً مختلفاً عمَّا يفعله الناقل العصبي الطبيعي، ممَّا يؤدي إلى نقل رسائل غير متساوية بين الخلايا العصبية، كما أنَّها غير واضحة ومشوشة ولا تفهمها الخلايا العصبية، وبالتالي فإنَّ على الخلايا العصبية أن تصدر استجابات لمثل هذه الرسائل، فتصدر مجموعة استجابات متغايرة وغير مركزة، ممَّا ينم عن حالة عدم تركيز واضحة، وتصبح هذه الاستجابات مرسلة عبر الشبكة العصبية في المخ.
وهناك مواد مخدرة أخرى، مثل: الإمفيتامين والكوكايين، تتسبب في إفراز الخلايا العصبية كمية كبيرة من الناقل العصبي الطبيعي بخلاف المعتاد، أو تتسبب في منع إعادة التدوير الطبيعي لكيميائية المخ العصبية، وهذا التفاعل والمنع ينتج رسالة مضخمة، وفي نهاية المطاف تعمل على تعطيل قنوات الاتصال المسؤولة عن تدوير كيمائية المخ، وهذا الاختلاف بين حجم هذه الرسائل المضخمة وحجم الرسائل الطبيعية، يتم تشبيهه بمثل من يهمس في الأذن ومن يصرخ في "ميكروفون".
مشاكل مصاحبة
* وماهي الأمراض والآثار الناتجة عن تعاطي المخدرات؟
- إنَّ الأفراد الذين يعانون من تعاطي وإدمان المخدرات بمختلف أنواعها، لديهم على الأقل مشكلة صحية مصاحبة لمرض لإدمان، ويزيد احتمال تعدد هذه المشاكل الصحية لديهم، وتشمل هذه الأمراض: أمراض الرئة والأوعية الدموية والسكتة والاضطرابات العقلية، إلى جانب احتمال الاصابة بالسرطان، وكذلك الأمراض النفسية والسلوكية العنيفة المصاحبة لتعاطي المخدرات، وقد أظهرت نتائج التصوير بالأشعة السينية والطبقية وتحليل الدم، آثاراً فادحة على صحة الجسد بسبب تعاطي المخدرات، كما أنَّ المخدرات التي يتم تعاطيها عن طريق التدخين، تتسبب في حدوث سرطان الفم والحلق والحنجرة والدم والرئة والمعدة والبنكرياس والكلية والمثانة وعنق الرحم، في حين أنَّ تعاطي المستنشقات -بصفتها مواد شديدة السمّيّة- يمكن لها أن تدمر الخلايا العصبية، كما أنَّها يمكن أن تُلحق الضرر بها في أوقات وجيزة، سواءً كانت تلك الخلايا في الدماغ أو في الجهاز العصبي الطرفي، كما أنَّه من الثابت علمياً أنَّ تعاطي المخدرات الطويل قد يؤدي إلى انبثاق أو تفاقم الاضطرابات العقلية، خاصةً لدى الأشخاص الذين لديهم مواطن ضعف معينة.
أمراض نفسية
* ماهي الأمراض النفسية ذات العلاقة بتعاطي المخدرات؟
- إنَّ تعاطي المخدرات يُعدُّ من أهم الأسباب التي تُحفِّز ظهور الأمراض والاضطرابات النفسية لدى المتعاطي، وهناك علاقة وثيقة ومتبادلة بين الإدمان على المخدرات والأمراض النفسية، ومن أبرز هذه الاضطرابات والأمراض، الاضطرابات الذهانية المصحوبة بأوهام وضلالات وهلاوس، واضطرابات المزاج، خاصةً اضطرابات المزاج الاكتئابية واضطرابات القلق واضطرابات النوم وحالات الهذيان والخلط، وعادةً ما تكون أعراض الاضطراب لدى المدمنين مزمنة وشديدة، لذلك تتطلب هذه الحالات علاجاً دوائياً مكثفاً وبرامج علاجية قد تختلف عن البرامج العلاجية المتعارف عليها في علاج الإدمان أو علاج الأمراض النفسية، وعند تعاطي أيّ مادة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، فإنَّ نسبة وجود أحد الاضطرابات النفسية يرتفع، فمثلاً: نسبة اضطراب الفصام لدى الأفراد العاديين تكون (1%)، لكنها ترتفع إلى (30%) عند تعاطي المواد المخدرة أو الإدمان عليها.
نتائج خطيرة
* وهل يمكن أن يتسبب تعاطي المخدرات بمشكلات صحية للمحيطين بالشخص المتعاطي؟
- إنَّ ضرر تعاطي المخدرات لا يقتصر على تعاطي الفرد للمخدر، بل يطال ذلك صحة أسرته وأطفاله، ويوجد للإدمان ثلاث نتائج خطيرة ومقلقة على صحة الآخرين، وهي أنَّ هناك علاقة بين تعاطي المخدرات وصحة الأطفال قبل الولادة، حيث يرى المختصون أنَّ الأبناء الذين لهم آباء يعانون من الإدمان، ربَّما سيتأثرون لاحقاً بنتائج المخدرات على أنظمة عقل آبائهم التي تغيرت، خاصةً نظام التذكر والتعلّم، فمن المرجح أنَّ بعض الأطفال الذين يتعرضون للمخدرات قبل ولادتهم، سيحتاجون لدعم تعليمي في الفصول الدراسية، لمساعدتهم في التغلب على ما قد يعانون منه من نقص في عمليات التعلّم والتذكر، كالحاجة لتنمية السلوك والانتباه والإدراك، أمَّا النتيجة الثانية، فهي أنَّه نظراً لأنَّ بعض المخدرات يتمّ تعاطيها عن طريق التدخين، كالحشيش والمروانا، فمن المتعارف عليه صحياً أنَّ للتدخين غير المباشر "التدخين السلبي" أثراً في حدوث مشكلات صحية متعددة على صحة الجسد، خاصةً لدى الأطفال، ونتيجة لتعرضهم لاستنشاق عدد كبير من المواد الخطرة، فإنَّ التدخين السلبي يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة (20-30%)، وسرطان الرئة بنسبة (25 – 30%) لدى من لم يسبق لهم التدخين، كما أنَّ النتيجة الثالثة تتمثَّل في أنَّ تعاطي المخدرات، خاصةً عن طريق الحقن، يلعب دوراً مُثبتاً في انتشار الأمراض المعدية، مثل: الإيدز والتهاب الكبد وغيرها من الأمراض المنقولة عن طريق الدم، إذ يذكر دليل علم الإدمان أنَّ حقنة مخدرات مثل: الهيروين، تتسبب في الإصابة بالإيدز بمقدار أكثر من ثلث حالات الإيدز الجديدة الناتجة عن عوامل أخرى، في حين أنَّ تعاطي المخدرات بالحقن يُعدُّ عاملاً رئيساً في انتشار التهاب الكبد الوبائي من نمط (c).
د. نزار الصالح
تؤدي المخدرات إلى تغيرات سلوكية وأضرار صحية على الفرد والمحيطين به
الأسرة صمام الأمان لوقاية الأبناء من مخاطر الإدمان
هناك علاقة وثيقة بين الإدمان على المخدرات والأمراض النفسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.