"لن تصدق كمّ التحذيرات والنصائح المجنونة التي وُجهت لي من قبل عائلتي وأصدقائي قبل وصولي إلى المملكة". هكذا بدأ المسعف الأمريكي كريستيان تيرنر (الذي يعمل بمستشفى الملك فيصل) الحديث عن قصته قبل وبعد سفره للعيش والعمل في المملكة. بحسب موقع "عرب نيوز" الناطق بالإنجليزية. وقال تيرنر للصحيفة: حذّرني أخي آدم، من استخدام اسمي الحقيقي المسيحي، مؤكدًا أن ذلك قد يكلفني حياتي. وأضاف: أعتقد أن كل هذه أفكار مشوهة ترسخت في ذهن أخي وعائلتي وأصدقائي، عبر ما تبثّه وسائل الإعلام. وذكر المسعف الأمريكي أن صديقًا آخر سأله عن ما إذا كان سيستخدم الجمال في نقل المرضى، لافتًا إلى أنه هو الآخر ساوره بعض القلق والشكّ حول وضع الحياة في المملكة، وكان يتساءل قبل وصوله للرياض: هل سأعيش في خيمة؟ وهل ستكون في الصحراء؟ أم ستكون بعيدة عن الناس، حيث لن يكون هناك مياه جارية؟ تذكر "تيرنر" أيامه الأولي قبل أن يأتي إلى الرياض، قائلًا: مثل أي شخص جئت إلى السعودية من أجل السفر ورؤية العالم، فضلًا عن الرواتب الجيدة، حيث أعمل مسعفًا في مستشفى الملك فيصل. وأضاف أنه يعيش في الرياض منذ 5 سنوات، وقال إنه عندما التقي مسؤول التوظيف السعودي في "هيوستن- تكساس"، أبلغه أنه ينبغي ألا ينتابه القلق في ما يتعلق بالانتقال للسعودية، وأنه سيكون هناك شخص في انتظار بمطار الملك خالد الدولي لحظة وصوله الساعة ال3 صباحًا، كان كريستيان يشعر بشيء من القلق؛ لأنه لم يكن يتحدث العربية. ولفت إلى أنه عند وصوله إلى الرياض حصل موقف صعب، أن الشخص المسؤول عن استقباله، وإيصاله للمستشفى لم يأت، وهنا بدأ القلق يتسرب له لعدم وجود نقود معه بالعملة السعودية، فضلًا أنه لا يتكلم العربية. وقال كريستيان، إن أول تجربة كانت في المطار، عندما رأى أحد مسؤولي المطار يصرخ في أحد الأشخاص بالجلوس. مشيرًا إلى أن الموقف جعله يشعر بالخوف بعض الشيء. وبعد أن فقد الأمل في وصول من يوصله -يتابع تيرنر-: "خرجت من المطار لكي استقلّ سيارة تاكسي إلى المستشفى، وعندما وصلت إلى بوابة المستشفى، أبلغت الأمن أنني هنا للبدء في العمل بالمستشفى، وقام رجل كريم يعمل بالمستشفى بدفع أجرة التاكسي". وفي اليوم التالي، يحكي كريستيان أنه التقى رئيس العمل، وشرح له ما حدث، وقال له المشرف دعك من ردّ أجرة التاكسي للرجل الذي دفعها، وأنا سأتكفل بها. وأشار كريستيان إلى أنه صدم عند وصوله الرياض؛ حيث وجد عديدًا من المتاجر المطاعم، التي تشبه أمريكا، وشعر كما لو أنه في أتلانتا. مضيفًا الرياض مدينة كبيرة وحديثة تمامًا مثل مدن بلاده، وكان عقله مليء عنها بأفكار سخيفة ومملة. وأوضح: ألوم الأفلام.. فلم يخطر ببالي أن تكون الرياض بهذه الحداثة، تخيلت الرياض كمدينة قديمة جدًّا.. اعتقدت أن العيش في الرياض سيكون بمثابة الرجوع إلى الأزمنة القديمة. وأردف تيرنر: بمعنى العودة إلى الأيام التي كانت تمرّ فيها الحياة ببطء وأقل تعقيدًا، وقلت يا إلهي.. لقد كنت مخطئًا في تصوري، فالرياض تملك الضجيج والصخب مثل أية مدينة كبري في العالم. وذكر أن السنة الأولى من عمله كانت صعبة للغاية، وكان قريبًا جدًّا من الرجوع لبلده، لكن -مع مرور الوقت- تحسنت الأوضاع وأصبح يتأقلم مع المعيشة. وقال: جئت هنا للعمل لمدة عامين، والآن أنا في السنة الخامسة، وكثيرًا من الناس يسألونني كم المدة التي سوف تقضيها في المملكة، وتكون الإجابة مني: لا أعرف.. سأتركها عندما يحين الوقت المناسب. لديّ وظيفية جيدة، ولدي عديد من الأصدقاء، وأحب شقتي الصغيرة، وأستمتع بشراء الخضار من السوق الصغيرة تحتها، وحقًّا أحب إجازة الخمسين يومًا في السنة، وأحب أن أساوم المتاجر المحلية في الثمن. أصبحت المملكة وطني الثاني، ولم أكن أتوقع أن ينتهي شعوري بهذه الطريقة، وفى الحقيقة ليست لدي خطة للرحيل من هنا.. مهما كان ما يحمله المستقبل لي، فالسعودية لديها مستقبل مشرق.