حذرت باحثتان سعوديتان من محاولات أعداء الإسلام للنيل من البنيان القوي للأسرة العربية السعودية المسلمة التي تمتاز بالقوة والتماسك، بهدف توجيه ضربات متتالية لهز قوة هذا البناء القوي؛ لهدم بنيانه الذي يقوم على روابط عميقة من التواد والتراحم. وبحسب صحيفة "عاجل"، دعت الباحثتان "ميمونة بنت محمد الوشلي"، وهند بنت ناصر الشمالي"، إلى التنبه للآثار غير الإيجابية التي تحملها القوانين والاتفاقيات الدولية التي تسعى إلى صهر العالم بصبغة ثقافية ودينية واحدة على الأسرة السعودية؛ وذلك بالتزامن مع ما تشهده الساحة الدولية من متغيرات كبيرة وجذرية في مجال التشريعات الخاصة بالأسرة. واستعرضت الدراسة التي عُرضَت نتائجها وتوصياتها على هامش انعقاد الملتقى السابع لجمعيات الزواج ورعاية الأسرة بالمملكة في "5 أبريل 2015″ بالدمام، بمشاركة خبراء ومختصين بمجال العمل التطوعي والإرشادي والأسري والنفسي وعلم الاجتماع وجمعيات الزواج ورعاية شؤون الأسرة؛ جملة من المؤتمرات الدولية وما صدر عنها من اتفاقيات وتوصيات ومسودات نهائية منذ صدور ميثاق الأممالمتحدة لحقوق الإنسان عام 1945، ومرورًا باتفاقيات جنيف لحقوق الإنسان، وبيان مؤتمر مكسيكو سيتي، ومؤتمر بكين، واتفاقية "سيداو"، ومؤتمر القاهرة، وكل ما صدر عنها من تشريعات دولية، التي هي -حسب الدراسة- مخرجات ظاهرها إيجابي وإصلاحي وفي باطنها خطر كبير على الأسرة العربية والإسلامية السعودية، من خلال تكريس فكرة عولمة القوانين التي تسعى إلى صبغ العالم بصبغة ثقافية ودينية واحدة. وحسب الدراسة، فإن هذه القوانين آتت أكلها، ولو ببطء، خاصةً في ظل المتغيرات الكبيرة التي اجتاحت العالم الإسلامي وهزت كيان الأسرة المسلمة، فبدا كأن نموذج الأسرة الغربية يتكرر في بيئة ما كانت تؤمن بهذا الشكل من العلاقات الاجتماعية والأسرية الهزيلة. وتذكر الباحثتان جانباً من الآثار السلبية التي خلفتها هذه الاتفاقيات على الأسرة المسلمة، التي تتمثل في تشريعات تطالب بإسقاط الأحكام الشرعية الخاصة بالزواج، بفرض مبدأ المساواة في أمور الزواج، كالسماح للفتاة بتزويج نفسها بلا ولي، وإلغاء المهر؛ لكونه التزامًا ماليًّا من طرف واحد، وتحليل زواج المسلمة من غير المسلمين "الكتابي". وعلى صعيد أحكام الزواج، فإنه يمنع تعدد الزوجات، أو يبيح تعدد الأزواج للمرأة لتتحقق المساواة بين الجنسين، وإلغاء ما تسمى قوامة الرجل. أما على صعيد أحكام ما بعد الزواج، فلا يكون الطلاق بيد الرجل وحده، وإلغاء عِدة المرأة بعد الوفاة أو الطلاق، وكذلك تغيير الأحكام الخاصة بالحضانة. وحسب الباحثتين، فإن البند الخاص بالمطالبة بالمساواة الجندرية، يعدُّ الأخطر على قيم الأسرة السعودية المسلمة، وفي هذا قلب للأدوار أو تغيير لبعض المفاهيم. ومن ذلك "الحق في اختيار شكل الأسرة"، وهو ما يعني أن الاتفاقيات تقر وتعطي الحق في تحديد شكل الأسرة، وترفض قصرها على الصورة الفطرية لها؛ وذلك بتعدد أنواعها من حيث بناؤها على أب وأم، أو أب وأب، أو أم وأم، أو على عائل وحيد كأب فقط أو أم فقط كأن يكون نتيجة زنا. كما دعت الاتفاقيات إلى استبدال التشاركية بالمسؤولية بين الزوجين مكان "قوامة الرجل"؛ وذلك في نص صريح يدعو إلى "تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة"، أي منح الحقوق والمسؤوليات نفسها فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، وكذلك تغيير الأدوار النمطية بتقبل الرجال القيام بمسؤولية أكبر تدخل في نطاق المهام المنزلية، مقابل السماح للمرأة بالدخول بنسبة أكبر في نطاق مهن كانت حكرًا في السابق على الرجال. وتدعو الاتفاقيات كذلك إلى تغيير أحكام الميراث، بما يتعارض مع نصوص القرآن الكريم، لتصبح المرجعية فيها قائمة على مبادئ التساوي في الميراث بين الرجل والمرأة.