بدأ وفد المملكة العربية السعودية المشارك في مؤتمر العمل العربي الذي انطلقت فعاليات دورته ال41، اليوم في العاصمة المصرية القاهرة، أعماله، حيث من المنتظر أن يناقش المؤتمر، تطوير التشريعات في الدول الأعضاء والعمل على توحيدها، تحسين ظروف التشغيل وشروطه، وتنمية الموارد البشرية العربية للاستفادة من طاقاتها الكاملة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى سعية لتنسيق الجهود في ميدان العمل والعمال على المستويين العربي والدولي. من جهته قال معالي المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد محمد لقمان، في كلمته الافتتاحية أنمنتدي التنمية والتشغيل العربي في نسخته الثانية الذي استضافته الرياض في شهر فبراير الماضي، شكل علامة فارقة في التعاون العربي حينما أقر وبإجماع اعلان الرياض الذي يمهد الطريق لتفاهمات متبادلة للحماية الاجتماعية والتنمية المستدامة ودورها في بناء منهج شامل ومتكامل للتنمية، موجهاً شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود. وأضاف لقمان أن المنتدى الثاني في الرياض أعتمد بإجماع لافت الإعلان عن تحالف عربي لمواجهة البطالة ودعم التشغيل وهو مفهوم جديد في منطقتنا يعكس رؤية متطورة للتعاون العربي، ويكتسي صبغة الدفاع الوقائي بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لترسيخ السلم الأهلي والاستقرار والأمن الاجتماعي. وأشار لقمان إلى أن منتدى الرياض أعتبر العمل حق للجميع وشرط ضروري لصون الكرامة ودعا إلى جعل التشغيل هدفا مركزيا في السياسات التي تنتهجها الحكومات، وإلى إنشاء وتفعيل المجالس الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الحوار، مضيفاً: "هذا الإعلان العربي معروض أمامكم لاعتماده واقراره وفقا لدستور المنظمة". من جهته اعتبر نائب وزير العمل الدكتور مفرج الحقباني، الذي يرأس وفد المملكة في مؤتمر العمل العربي بدورته ال41، أن المؤتمر يشكل فرصة في غاية الأهمية لوفود وممثلي الدول الأعضاء، للوقوف على قضايا وهموم أسوق العمل في المنطقة، إضافة إلى تبادل الآراء حول تجارب هذه الدول وما تقوم به من اصلاحات في أنظمة العمل لديها، وسط مشاركة جميع أطراف العملية الإنتاجية الثلاث من ممثلين عن الحكومة وأصحاب العمل وعمال، إضافة إلى مناقشة واعتماد ما تم اقتراحه من مشاريع وبرامج تطويرية تصب في مصلحة أسواق العمل العربية. وأبدى الدكتور مفرج الحقباني تفاؤله حيال خروج المؤتمر بنتائج ايجابية تضاف إلى جهود المنظمة ووزارات العمل في الدول الأعضاء، خلال الاجتماعات والمؤتمرات السابقة، متطلعاً إلى تحقيق مزيداً من الانجازات والقرارات الداعمة لسياسات التشغيل والتنمية الاقتصادية والحماية والاجتماعية، والتي تعد جميعها من المتطلبات الضرورية لجعل أسواق العمل أكثر انتاجيةً ونمواً واستقراراً. وبالعودة إلى المدير العام لمنظمة العمل العربية، فقد أشار إلى اطلاق المنظمة تقريرها الرابع أمس، حول آفاق جديدة للتشغيل في المنطقة العربية ، مضيفاً: "فقد اعتدنا ان نطلق تقريرا كل عامين لنبرز أهم التحولات والمتغيرات التي تحدث في أسواق العمل وليكون مرجعا في متناول صانعي السياسات ومتخذي القرارات والباحثين والمهتمين والمختصين للتعامل مع قضايا التشغيل وهدير متطلبات أسواق العمل بعقلية منهجية منفتحة". وقال لقمان: "كما أننا على موعد في هذه الدورة مع اطلاق نواة الشبكة العربية لمعلومات سوق العمل والتى اعتمدتها قمة الكويت التنموية الأولى حيث ستوفر هذه البوابة الالكترونية اَلية لزيادة التفاعل والترابط بين أطراف الانتاج وتوفير المعلومات والبيانات حول واقع القوي البشرية بهدف الإسهام في تحسين سياسات التشغيل والاستخدام وتفعيل التعاون الوثيق مع الأجهزة الإحصائية العربية". وأشار لقمان إلى أن هذه الدورة تشهد توقيع بروتوكول تعاون بين منظمة العمل العربية ووزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية "هدف" بالمملكة العربية السعودية، حيث سيقومان مشكورين بالمساهمة في استكمال بناء ودعم الشبكة العربية لمعلومات سوق العمل حتى تتمكن من تقديم خدماتها لأطراف الإنتاج في المنطقة العربية، إضافة إلى إنشاء موقع خاص للمنتدى العربي للتنمية والتشغيل ليسهم في دعم الاتجاهات والسياسات التي أقرها إعلان الرياض ويدعم تشغيله وصيانته للأعوام الخمس القادمة". وأعتبر لقمان البطالة مُجلبة لكل المخاطر، مشيراً إلى أن التطورات التي شهدتها منطقتنا العربية قد أماطت اللثام عن حدة التحديات الاجتماعية، حيث اتسعت دائرة البطالة، وازدادت تفاقما من عام 2010 وما تلاها بفعل المسارات الانتقالية وما شهدتها ورافقتها من عدم استقرار للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتراجع الاستثمار والسياحة وعجز الموازنات وغيرها وقد رصدت منظمة العمل العربية في تقديراتها ان البطالة ارتفعت من 14.5% في 2010 ووصلت الي حوالي 17% في 2013 وأرتفع عدد العاطلين عن العمل من 17 مليون إلى ما يزيد عن 20 مليون. وأضاف: "لا تمثل خطورة البطالة في ارتفاع حجمها ومعدلاتها فحسب بل وأيضاً في خصائصها حيث تمثل بطالة الشباب 28% أما بطالة الإناث فهي ضعف بطالة الذكور ناهيكم عن بروز ظاهرة خطيرة وهو اتساع فئة اليائسين من الحصول على فرصة عمل مما أدى إلى موجات واسعة من هجرة الكفاءات إلى مناطق الازدهار الاقتصادي وفي هذا هدر كبير للموارد البشرية". وخاطب لقمان الحضور قائلاً: "اخالكم تتفقون معي أن ما شهدته منطقتنا من تطورات تتطلب حتما نمطا جديدا من التوافقات السياسية والاجتماعية لإيجاد مناخ ملائم وأن المجتمع المدني أضحى له دور فاعل ومؤثر في التوافق المجتمعي واستدامة النمو وأصبحت منظماته بكل تنوعها مكون أساسي من مكونات التنمية المستدامة وأصبح التوافق المجتمعي عنصرا هاما لتحقيق الاستقرار". وقال مدير عام منظمة العمل الدولية أن التطورات أفرزت أهمية دور وزارات العمل المتنامي وبات مطلوبا تقديم المساندة والدعم المادي والكافي لها حتى تتمكن من القيام بأعبائها الهامة، كما أبرزت تزايد أهمية دور غرف التجارة والصناعة كشريك هام في عملية التنمية واستدامتها ومساهمتها في خلق مزيد من فرص العمل الكريمة، فيما رسخت تلك التطورات أيضا أهمية ودور اتحادات نقابات العمال في عملية التنمية ودورها الهام في دوران عجلة الإنتاج واضحت ركنا هاما في مدماك التنمية وارتفعت مكانتها داخل مجتمعاتنا". وأضاف: "لقد أثبت تطور الشق الاقتصادي في السنوات الأخيرة أن استراتيجيات النمو التي تقودها الدولة وسياسات التشغيل التي تعتمد على التوظيف لامتصاص فائض العمالة قد وصلت أقصى مداها، وأن مواجهة قضايا التنمية والتشغيل يفرض تمكين القطاع الخاص القيام بدور أكبر في التنمية وفى إطار من الضوابط والقواعد التي تحكم إيقاع التنمية التي يستفيد منها الجميع دون استثناء ليصبح القطاع الخاص أقوى محرك للنمو وحتى يتمكن من إيجاد 5 مليون فرصة عمل سنويا حتى تنخفض نسبة البطالة وفقر المشتغلين وفقا لمقررات قمة الكويت وتنفيذا للعقد العربي للتشغيل الذى اعتمده". وأكد لقمان أن التعاون العربي وفق ما تقتضيه المصالح المشتركة لم يعد ترفا فكريا نتحدث حوله إعلاميا كلما عنّ لنا ذلك، بل أصبح حتمية استراتيجية لا غنى لنا عنها ، كما إنه لم يعد كذلك طرحا نظريا هلاميا بل هو تمثلا اقتصاديا يعكس مصلحة كل دولة ويستند الي الجغرافيا والتاريخ وصلات الدم. وذكر لقمان أن الدول العربية يعيش في عالم تسارعت متغيراته كثيرا وتعددت أقطابه وبدأت تبرز في محيطه قوى إقليمية جديدة تحركها طموحاتها الكبيرة وتسعي بقوة ليس إلى التأثير في محيطها الاقليمي فحسب بل إلى الهيمنة عليه، مضيفاً: "نثق أن قادتنا لا يغيب عنهم ذلك بل أنهم يدركون أهمية استجماع كل عناصر القوة لمواجهة هذه التحديات سواء كانت داخلية او خارجية لذلك نحن نعول كثيرا علي دور مصر في تجميع القوي العربية لما فيه مصلحة منطقتنا واستقرارها وازدهارها". وقال لقمان: "في هذه الدورة ستجدون من المواضيع والوثائق الكثير التي تصب في هذا المنحى الذي ينشده قادتنا وشعوبنا وأثق أن اثرائكم له بالمناقشات الفكرية الهادفة يساعد في أن يدلف العرب باقتدار إلى الألفية الثالثة خاصة ونحن في بداياتها، وحتى نكون عند حسن ظن شعوبنا وقادتنا". ويناقش المؤتمر تقرير المدير العام لمكتب العمل العربي "التعاون العربي وآفاقه لدعم التشغيل"، والتقرير الفني حول تطوير التدريب والتأهيل المهني للنهوض بالتنمية البشرية، وتعزيز القدرة التنافسية، إضافة إلى تفتيش العمل، من خلال اتجاهات وممارسات حديثة لتعزيز علاقات العمل وإنفاذ القانون، كما يطلق المؤتمر الشبكة العربية لمعلومات سوق العمل. كما تناقش الدورة الحالية نتائج أعمال المنتدى العربي للتنمية والتشغيل الذي عقد بمدينة الرياض إبريل الماضي بعنوان " نحو حماية اجتماعية وتنمية مستدامة"، إضافة إلى نتائج الدورة الثانية عشر للجنة شؤون عمل المرأة العربية، ونتائج أعمال الدورة 92 للمجلس الاقتصادي الاجتماعي العربي. وشهد يوم أمس السبت قبل الانطلاقة الفعلية لأعمال المؤتمر، الاحتفال بإطلاق التقرير العربي الرابع حول التشغيل والبطالة في الدول العربية "آفاق جديدة للتشغيل"، حيث يناقش التقرير قضايا التشغيل ومشكلات البطالة، لما لهاتين القضيتين من أهمية قصوى لتحقيق الاستفادة المثلى من رأس المال البشري، أو الثروة البشرية في دول العالم العربي ، ويضم وفد المملكة الأستاذ ابراهيم بن فهد آل معيقل مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية، والدكتور أحمد بن فهد الفهيد وكيل الوزارة للشؤون العمالية الدولية إضافة إلى ممثلي أصحاب العمال والعمال كأطراف الإنتاج الثلاثة في المملكة العربية السعودية .