د.هلال محمد العسكر مهنة الكاتب الصحفي رسالة أخلاقية إنسانية ثقافية علمية ، يستطيع من خلالها حفظ الوطن والمواطن وتعزيز الحقوق والحرية ونقل الأحداث وتحليلها بموضوعية ، وتزويد القارئ بالمعرفة والثقافة والإثراء الفكري ، فإذا كان الطعام هو غذاء الجسم فأن الفكر هو غذاء العقل، ولذلك يتحتم على الكاتب الصحفي أن يكون من ذوى الثقافة ومتابع للأحداث ومجرياتها ، وأن يكون قلمه رشيق الحركة عفيف اللفظ ويتحمل أمانة المهنة و يتحلى بميثاقها، كي ينال احترام القارئ قبل أن ينال رضاه. إن العلاقة بين الكاتب وبين قرائه علاقة أخلاقية لا تعاقدية، والالتزام بأخلاقيات المهنة ارتقاء ونزاهة ومصدر قوة، حيث تزرع الثقة وتجسد المصداقية، وأدبيات وقواميس المهن لم تترك مهنة الكاتب دون معايير أخلاقية للارتقاء بها وأولها احترام الأديان وعدم الاستهانة بها، وعدم الدعوة إلى معاداتها ، أو الطعن في معتقدات الآخرين، احترام العادات والتقاليد والقيم وطرح وجهات النظر الايجابية والبناءة التي تعالج السلبيات وتعزز الايجابيات منها، عدم طرح ما يحرض على كراهية أو ازدراء أو احتقار؛ لأي فئة من فئات المجتمع، الابتعاد عن إثارة أو إحياء النعرات العنصرية أو الطائفية ، وعدم الدعوة لحشد الجمهور لهذا الغرض، احترام التعددية والأقليات في المجتمع وعدم التمييز بينهم على أساس الدين أو المعتقد أو العرق أو اللون أو الجنس أو الثقافة، الالتزام بمساندة الحق ومعاداة الباطل تمثيل الفئات المهمشة كالوافدين وغير محددي الجنسية والمسنين والأطفال والأرامل والمعوزين وكل من لا صوت له في المجتمع.، العمل على تأكيد الوحدة الوطنية وصيانتها لتكون أساساً لقوة المجتمع وتطوره، و ذلك لتحقيق الأمن الاجتماعي والسياسي، والعمل على تعزيز روح المواطنة، حماية المجتمع من التيارات الفكرية والدينية المضللة، والتصدي لها من خلال تحصين المواطن بالوعي الذي يكسبه مناعة لمواجهة هذه الأفكار المضللة، الدفاع عن قضايا الحريات و تعميق الممارسة الشورية ، وتأكيد حق المواطن في المشاركة ايجابياً في أمور وطنه وقضاياه اليومية، الدفاع عن حرية المواطن ضد أي انتهاك أو اعتداء من أي جهة كانت، الالتزام الكامل بالموضوعية في كل ما تكتبه ؛ خاصة في مجال النقد الذي يتناول الشخصيات العامة ، على أن يكون توجيه النقد إلى الأقوال والأفعال وليس إلى قائلها أو فاعلها ، مع مراعاة أن يكون انتقاد الآخرين نقداً بناء ؛ بعيداً عن الأهواء الشخصية والتجريح أو الإساءة و التشهير، احترام اختلاف وتنوع الآراء في المجتمع مع احترام أدب الحوار، كما أن الهدايا و المجاملات والرحلات المجانية و المعاملات الخاصة أو الامتيازات يمكن أن تؤدي إلى تنازل الكاتب عن أمانته ، لذلك عفة النفس مطلوبة من كاتب المقال كي لا يقبل أي من هذه العروض وحتى لا تكون مصداقيته و حياديته موضع شك ، التحلي بروح المسؤولية في الكتابة والإبداع الفكري واستشعار دور الكلمة الهادفة في تربية النشء على المثل العليا والمبادئ القويمة والأخلاق الحميدة ، عدم نشر الحقائق مشوهة أو مبتورة بغرض تضليل الجمهور ، عدم اختلاق أحداث أو وقائع ليست حقيقة ، احترام القارئ وذكاءه وعدم التقليل من وعيه وقدراته . خلاصة القول، إن لم يلتزم الكاتب الصحفي بهذه ألأخلاقيات فهو ليس كاتبا صحفيا ، بل متطفلا على الكتابة وعلى الصحافة ، ويجب منعه من الإساءة للكتابة وللصحافة وأهدافهما (النبيلة) ولمهنة محترفيها من ذوي الأخلاق الفاضلة ، حيث أن الكتابة ليست وسيلة للتكسب ، وإنما هي وسيلة لتحسين ظروف حياة الناس ورفاهيتهم ونشر العلم وثقافة الأخلاق التي بها تعيش وتنهض الأمم ، وصدق الشاعر إذ يقول: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فآن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا!