يشهد قطاع الاعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات طفرة عالمية تستدعي من جميع المؤسسات الاعلامية والصحفية مواكبتها والاستفادة منها لأبعد الحدود عبر توصيل المعلومة والخبر الصحيح من مصادره الموثوقة للقارىء والمشاهد والمستمع دون تشويه أو تحريف. ولأن المؤسسات الاعلامية، صحفاً كانت أو محطات إذاعة أو فضائيات أو وكالات أنباء أو حتى صحافة إلكترونية، جزء من المجتمع، عليها البحث عن كل الوسائل المتاحة للقيام بدورها التعليمي والتثقيفي والتربوي والتنويري لأفراد هذا المجتمع وكشف الحقائق أمامه بصدق وموضوعية لكون أي إخلال بالمضمون من شأنه تشويه صورة الصحافة والصحفي نفسه والجهاز الإعلامي الذي يعمل به. ومن هنا يتضح مدى أهمية أخلاقيات المهنة، والسؤال هنا.. هل أخلاقيات الصحافة ومعاييرها موجودة في عالمنا العربي؟ فمن وجهة نظري ومن خلال تجربتي وخبراتي الصحفية أرى أن هناك عناصر مهمة لهذه الأخلاقيات: يتعين على الصحفيين والمؤسسات الصحفية والإعلامية احترام الأشخاص وخصوصياتهم بعدم الخوض فيها وعدم نشر أسرارهم والأخبار الكاذبة عنهم نتيجة خلاف في الرأي أو تحريض من جهة أو من أجل الابتزاز المالي وعدم الإساءة لرموز وقادة الدول. ينبغي على الصحفي والمؤسسات الصحفية والاعلامية عدم بث الشائعات وترويجها بهدف إحداث البلبلة في المجتمع، وكذا الابتعاد عن تلفيق الأخبار من دون مصادر ونشر صور والتعليق عليها بشكل مجاف للحقيقة بغرض إشانة السمعة أو لفت الانتباه أو تحقيق سبق صحفي في غير مكانه وعلى حساب سمعة شخص أو جهات أخرى. من أخلاقيات المهنة الواجب اتباعها في مجال العمل الصحفي والاعلامي أيضاً، البحث عن الحقيقة وتحري المصداقية والشفافية والحيادية عند كتابة الخبر أو المقال أو التحقيق الصحفي. يتعين في العمل الصحفي مراعاة المصلحة العامة دون إخلال بالحقيقة، أي إيجاد توازن بينهما واحترام التقاليد والأعراف والموروثات. عدم إفشاء المصادر عند كشف أوجه القصور أو الفساد بطريقة موضوعية وصادقة بعيداً عن التهويل مع الحرص على تمليك الحقيقة للأشخاص العاديين وللمسؤولين أنفسهم لمعالجة بؤر الفساد أيا كان نوعها ومعاقبة مرتكبيها. يتعين تجنب كل ما يثير العنف والكراهية والفوضى من خلال نشر وبث الأخبار والمعلومات الصحيحة الصادقة والموثوقة. احترام رغبة المصادر عند نشر الأخبار، لكن بالكيفية التي يراها الصحفي مناسبة مع حرصه على عدم الصدام مع مصادره حتى لا يفقد ثقتها إن لم يفقدها نفسها. يمكن للصحفي والاعلامي اقامة علاقات خاصة مع المصادر.. من دون استغلال المعلومات التي توفرها له لتحقيق مصلحة ذاتية. التحلي بالمسؤولية أمر مهم، بحيث يعرف الصحفي قدر نفسه ومكانة صحيفته أو مؤسسته الإعلامية وقدر المصادر نفسها ولا يقلل من شأن أي من كل ذلك، ويتحقق ذلك عبر الالتزام بالحياد والموضوعية والدقة فيما يكتب. يحرص الصحفي والاعلامي عند تعليقه على مقال أو قضية ما، ألا يعكس ذلك وجهة النظر الرسمية للمؤسسة والجهة الصحفية والإعلامية التي يعمل فيها. عند كتابة تقرير أو تحقيق على الصحفي أن يعرض آراء مختلف الأطراف ذات الصلة بالقضية دون انحياز لطرف بعينه بما يحفظ توازن الموضوع. ولأن الصحفي صاحب رسالة نبيلة، عليه أن يسعى لإيصال رسالته هذه بكل إخلاص وتفان من دون تحريف للأحداث والوقائع، وعليه الابتعاد عن تملق المصادر وألا يكون أداة لتلميعها بحق أو دون حق. على الصحفي والاعلامي أن يكون دائما أداة اصلاح وبناء في المجتمع وعليه أن يعبر عن معاناة مجتمعه وممارسة التقييم المهني والمعالجة الموضوعية المهنية لكل قضية يتناولها بكل نزاهة، بعيدا عن الدعائية وخدمة الأجندة الشخصية. على الصحفيين والاعلاميين الابتعاد عن الكيد لبعضهم البعض أو العمل على التشهير وتشويه صورة الآخر للانفراد بمصدر معين وكسب ثقته أو لتحقيق فائدة ومنفعة شخصية. الرقابة والمحاسبة الذاتية، وان كان هذا يأتي في نطاق سياسة المؤسسة الإعلامية، لكنه يعتبر من وجهة نظري مكملاً لمفهوم اخلاقيات مهنة الإعلام والصحافة، فالصحفي عليه أن يعرف ما هو صحيح يجب اتباعه وما هو مضر يعاقب عليه القانون.. وأعتقد ان الإعلامي المحترف سيعمل على رقابة نفسه ومهنته بذاته دون تشريعات أو قوانين حكومية. وبصورة عامة فإن مهنة الصحافة، شاقة ومتعبة والحقيقة يمكن الوصول اليها بعد تعب وجهد وعبر الأبواب المفتوحة دون تحايل أو رشوة أحد للحصول عليها أو بطرق ملتوية أخرى.. فالمعلومة قد تكون مفيدة بقدر ما تكون مضرة أيضا. وفي النهاية أقول.. أي أنه بقدر ما يطالب الصحفي بالالتزام بأخلاقيات مهنته وتجنب البذاءات والابتعاد عن تلفيق التهم والاكاذيب التي قد تقود إلى سحب الصحيفة من الأسواق او تعطيل صدورها.. يجب أن تصدر الدولة، أي دولة، تشريعات وقوانين للصحافة تؤكد على حرية التعبير والحرية الصحفية عموما، وتحمي الصحفيين وتضمن حقوقهم، والأهم أن يلتزم الصحفيون بميثاق الشرف المهني الذي يضمن ويحمي الأطر الاخلاقية المطلوبة. الراية القطرية