إن مهنة الكاتب الصحفي رسالة أخلاقية إنسانية ثقافية علمية، يستطيع من خلالها حفظ الوطن والمواطن وتعزيز الحقوق والحرية ونقل الأحداث وتحليلها بموضوعية، وتزويد القارئ بالمعرفة والثقافة والإثراء الفكري، فإذا كان الطعام هو غذاء الجسم فإن الفكر هو غذاء العقل. ولذلك يتحتم على الكاتب الصحفي أن يكون من ذوى الثقافة ومتابع للأحداث ومجرياتها، وأن يكون قلمه رشيق الحركة عفيف اللفظ ويتحمل أمانة المهنة و يتحلى بأخلاقياتها، كي ينال احترام القارئ قبل أن ينال رضاه، حيث إن العلاقة بين الكاتب وبين قرائه علاقة أخلاقية لا تعاقدية، والالتزام بأخلاقيات المهنة ارتقاء ونزاهة ومصدر قوة، حيث تزرع الثقة وتجسد المصداقية. إن الدور الذي يقوم به الكاتب الصحفي الملتزم بأخلاقيات المهنة كبير وعظيم ويستحق من عموم أفراد المجتمع كل احترام وتقدير بل وحصانة، لأن دوره لا يقتصر على النقد بل يتعدى ذلك إلى تقديم الحلول لبعض المشاكل والمعوقات التي تقف حائلا دون نهوض المجتمع وتقدمه. وبما أن الصحافة تمثل الرأي العام فيكون هنا من واجب الصحفي تعريف الناس بحقوقهم وتوعيتهم كي يكونوا قادرين على المطالبة بتلك الحقوق وتنوير الناس وإنقاذهم من التضليل وغيرها مما يوجب إعلاء شأن الصحفي وتقديمه على أي شأن آخر. في عمل الصحفي ما لا يعمله احد من اجل صنع واقع جديد ومفاهيم جديدة لهذا الواقع وضحوا بأرواحهم من اجل ذلك، وهو كان ولا يزال الداعم لحق الناس في الحياة الكريمة من خلال إيصال الحقيقة وكشف الزيف والتضليل والأكاذيب رغم علمه بما يسببه له ذلك من مضايقات وربما مخاطر؛ فالصحفي الحقيقي قادر على ممارسة دوره بمهنية عالية دون الخشية من هذا الطرف أو ذاك، لأنه لا ينحاز إلا للحق، ولكي ينهض بدوره هذا لابد من حصوله على حصانة تجعله متحررا من أية قيود قد تؤثر على عمله؛ حصانة تمنحه الثقة بالقيام بمهامه في النقد والتحليل والرصد؛ وتحميه وتؤمن على حياته ومصدر رزقه وتضمن له كرامته وحقوقه. أصبح الصحفي اليوم بين مطرقة السلطة وسندان الواجب؛ إن تكلّم فيما يعتبر من خصوصيات السياسة أتهم بالتهور وتجاوز الحدود وعدم الانتماء، وإن سكت ولم يخض في مشاكل الناس وأتعابهم وصف بالمتملق والمتسلق الباحث عن الجاه والمال!! الصحفي المهموم المنشغل بالكتابة عن هموم وطنه وأمته وقضايا مجتمعه بهدف الارتقاء والتطور والنماء، يمثل دور الجندي المخلص الذي يجب على المجتمع أفرادا ومؤسسات احترامه وتقديره وتكريمه وإعطاؤه المنزلة العالية التي تليق بمقامه. هناك أخلاقيات لمهنة الصحافة وهناك وثيقة شرف وأنظمة تحدد مهمة الصحفي، وحينما نطالب بحصانة للصحفي، فإننا ننشدها في هذه الأطر وفي حدود هذه الأخلاقيات والأنظمة لا غير، لأن مهنة الصحفيين أصبحت متعبة ومرعبة وطاردة بسبب عدم فهم بعض أفراد المجتمع لدورهم ومهمتهم في تقصي الحقائق وكشف مواطن الخلل التي تعوق الأمة عن الوصول لأهدافها المنشودة. ختاما، نرى أنه من أبسط حقوق الكاتب الصحفي أن تكون لديه حصانة تحميه ومستقبله من السنة المشوهين وأيادي الجهلة والمتخلفين وسوء ظن المفسدين، وغيرهم ممن لا يفهم دور الصحفي ولا يؤمن بحقه وحريته في التعبير وقول كلمة الحق. والأمة التي لا تحترم ولا تحمي حرية صحفييها أمة ستخسر لا محالة أهم عنصر من عناصر نهضتها. وستخسر هيبتها واحترامها ومكانتها بين الدول.