فيروس الملخصات العلم هو أساس التمدن والتطور والرقي بالأمم, وهو نبراس الحياة والنور الذي تستضيء به البشرية, وتعرف به حقوق خالقها سبحانه وتعالى , وكيفية التعامل مع أفراد المجتمع, سواء كان في الأمور الدينية أو الإنسانية أو غيرها, ولولاه لما وصلت البشرية إلى هذا المستوى من التطور التكنولوجي والعلمي . فلذلك اهتمت حكومتنا الرشيدة ممثلة في وزارة التربية والتعليم بالعلم والتعليم, امتثالاً لأوامر الله - سبحانه وتعالى – القائل: " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ( 2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)" {العلق 1- 5} ,وقال تعالى ( َقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) {طه 114} , فقامت بجهودٍ كبيرة وأعمالٍ جبارة في هذا المجال من أجل تنمية وتطوير البناء العلمي والتعليمي . فأنشأت العديد من المدارس والمعاهد والجامعات وأقامت برامج للبحث والتطوير والتقنية. وعمدت إلى رعاية الموهوبين والمبدعين وكما اهتمت بالتعليم العالي و الابتعاث الخارجي للطلاب كلا حسب تخصصه , كل ذلك من أجل النهوض بالوطن ومواكبة التطور العلمي العالمي . ولعل الكتاب المدرسي خير مثالٍ لذلك , حيث حرصت على إخراجه كاملاً متكاملاً , كما أنها تقوم بتطويره ليواكب حركة التطوير و التقدم في المعرفة والمعلومات, فأخضعت لإنتاجه أصحاب الخبرة والمعرفة من كان لهم باع في التعليم؛ ليفرّغوا شحنة إبداعاتهم وخبراتهم فيه, فيقومون بدراسات دقيقة لإخراجه, ومن ثم يخضعونه للمراجعة والتدقيق حتى يخرج لأبنائنا الطلاب بأكمل صورة . ولكن دخل على هذا الجهد (فيروس) قاتل, حطم كل هذا الجهد المبذول, وهضم حق الكتاب المنهجي عبر بوابة الملخصات, التي ترخص الغالي ولا تقدر الثمين . فأصبح التعليم عند البعض يعتمد على هذه الملخصات وترك الكتاب المدرسي . إن الملخصات قاصرة على تقديم المعلومات الكاملة, والحقائق الواضحة, مع أنها تؤخذ من جزئياتٍ موجودة في الكتاب المدرسي, إلا أنها لا تغني عنه؛ لأنها استغنت عن معلوماته الأخرى, لذا فهي مختصة بمدرسةٍ معينةٍ دون أختها, وبمعلمٍ دون آخر . وكما أنها لا تخدم الأهداف الرئيسة التي وضع من أجلها المنهاج , ولا تقيس المستوى الحقيقي لأبنائنا الطلبة . فهي لا تصلح لجميع المدارس فبذلك تكون منافية للكتاب المدرسي الذي وضع موحداً وصالحاً لجميع المدارس في كل انحاء المملكة ، وذلك كون المعلم اعتمد في وضع أسئلته على مافي هذا الملخص دون الكتاب . وسيكون اعتماد الطلاب على هذه المعلومات المبتورة سببا في تراجع المستوى التعليمي المرجو منهم ؛ كونها تفقدهم بعض الأهداف الرئيسية التي وضع على أساسها الكتاب المدرسي, بالإضافة إلى أنها تؤدي إلى قتل موهبة البحث ومهارة اكتشاف الحقائق . وعندها تكون عقول الأبناء خاليةً من العلم , ممتلئة بالأفكار الخاطئة الهدامة ولا يمكن لهذه الملخصات- أن تعد لنا علماء ومفكرين ومبدعين . اذا حضر الطالب للمدرسة وليس لديه اهتمام بالدراسة بسبب اعتماده على الملخصات سوف يكون لديه فراغ وطاقة قد تصرف في أشياء هدامه مثل التفحيط والمضاربات ..... إن هذه الملخصات جعلت الدراسة تُنشد هدفاً واحداً وهو الحصول على النجاح , وذلك بحفظ ما تحتويه وريقات الملخصات من معلوماتٍ مبتورةٍ , ومن ثم تفريغها في ورقة الاختبار, وفور الانتهاء منها يكون مصيرها النسيان. وختاماً : أتمنى ضرورة إعادة النظر إلى الاختبارات الموحدة ، حتى نقضي على هذا الفايرس ، قبل أن يهدم الجيل القادم من أبنائنا ، ويتغلغل في مستقبلهم ويضعف المستوى التربوي والتعليمي ويحقق العدالة بين الطلاب .