في جانب مضيء من الحياة وبفضل من الله عزوجل استطاع الإنسان أن يطوّع الكثير من الأدوات والآليات في العالم لتعمل لصالحه، من خلال الاستفادة من الكثير من التقنيات إلى أن وصل إلى آفاق بعيدة في عالم الإنجازات, وعلى الجانب الآخر تستنكر ضعف بعض البشر عن تطويع ذاتهم والسيطرة على أفكارهم وسلوكياتهم فأصيبوا بالعجز أمام تلك الآلات الجامدة, بالرغم مما حبى الله الكائن البشري من مرونة و قدرات غير محدودة يستطيع تسخيرها لصالح نفسه ومجتمعه بل العالم بأكمله. وفي خضم السواد الأعظم من العجز قد تواجهك في إحدى محطات الحياة شخصية براقة تنجذب إليها أنظار الناجحون وتهفو إليها قلوب المخلصون وتتوق النفوس لمجاراتها, شخصية ترسم أروع صور العطاء والإنجاز, فهي تتجاوز مراحل التمركز حول الذات لتنفتح على العالم الخارجي؛ رغبة في خدمة وإصلاح الذات والمجتمع, وانطلاقا من استشعار المسئولية الشاملة, إنّه بريق الشخصية الإيجابية والتي يسعى المربون إلى تدعيمها لدى أجيال المستقبل؛ إذ أنها أبرز مسببات رقي الأمم وتقدمها فعن طريقها تسعى الشعوب إلى النمو و تبادر للتطور بتفاعل أبنائها مع واقعهم فيحسنون من إيجابياتهم ويقضون على سلبياتهم ويرفعون من سقف تطلعاتهم المستقبلية. فماذا يقصد بالإيجابية؟ إنّها الدافع النفسي والاقتناع العقلي والجهد البدني الذي يشحذ الهّمة ويذكي الطموح, فالإيجابي لايكتفي بتنفيذ التكليف بل يدفع نفسه إلى البذل والعمل وانتهاز الفرص واستثمار الواقع دون أن يخالط ذلك جفاف أو جفاء. وبمعنى آخر هى إرادة الحياة الكريمة الفاعلة وإثبات شرعية الوجود المعنوى. فالإيجابية انتشار لا يقبل الانحسار، و عطاء ليس له حدود، وارتقاء فوق كل السدود، ومبادرة لا تكبلها القيود. إنّ الواقع المحيط مليء بالتغيرات المتسارعه التي تولَد معها العديد من التحديات والتغيرات التي يقف منها البشر على ثلاثة أصناف: أناس يشاهدون ما يحدث, وأناس يتساءلون عمّا يحدث, وأناس يصنعون ما يحدث. إنّ النموذج الإيجابي الجدير بالتفحص هو المهتم بصناعة ما يحدث, إذ يكون موجها للأحداث مؤثرا فيها غير متأثربها, فهو يشق طريقه نحو الإيجابية عن طريق الإثراء المعرفي والثقة بالنفس وتطوير الذات والقابلية للمبادرة والمغامرة والإيمان بالدور المهم والفاعل للفرد فلايحتقر نفسه بل يؤمن بما وهبه الله من إمكانيات وقدرات تصنع هندسة التكامل مع الآخر, متوجًا ذلك كله بالتوكل على الله وحسن الظن به. فكن إيجابيا ! لتتعلم فن التحول من الجمود إلى المرونة، ومن التجانس إلى التنوع، ومن ثقافة الحد الأدنى إلى ثقافة الإتقان و الجودة، ومن ثقافة الاجترار إلى ثقافة الابتكار، ومن ثقافة التسليم إلى ثقافة التقويم، ومن السلوك الاستجابي إلى السلوك الإيجابي, وبعدها تتذوق طعم السعادة رغم تنوع أحداث الحياة, وتنتج ردود فعل أقوى من آثار الفعل, وتبهر الآخر بقوة بريق شخصيتك.