سترون من بعيد شخص متوتر متشتت رأسه يتنقل ما بين لوحات دور العرض بالأعلى إلى جدول وخارطة المعرض بين يديه ويمشي من غير حذر حتى علم من حوله أنه لن يتجنب أحد في مشيه حتى الفتيات أصبحن يبتعدن عن طريقه ! ومن لم يبتعد فالاحتكاك قد حصل ! سأدون الأمس في أوراق أيامي الجميلة ، في كتاب حياتي ، أحمد ربي أن أرواق سعادتي أكثر من شقائي ، سأدون في صفحة الأمس عنوان كبير بجميع الألوان ( معرض الكتاب الدولي بالرياض ) ، تجربه سنوية لن أتناساها مهما أقنعني عقلي بعض الأوقات بأنني لا أملك الوقت للقراءة وأنني يجب أن أتفرغ للكتب الطبية ومستقبلي ! أضل ازجر هذا العقل المجنون لدي وأخبره بأننا نستطيع نوفق بين جميع أمور حياتنا بقليل من التنظيم ، إقناع أنفسنا بأننا أحادي الاتجاه خاطئ ، فنحن نستطيع أن نستمر بأحاديتنا وطريقنا نحو هدفنا ولكن بوجود استراحات على جانب الطريق نقضي فيها هواياتنا ورغباتنا عند فترات توقفنا المؤقتة . من أجمل وأروع الأيام منذ بدأ السنة كان يوم الأمس ، افتقدت أناس كنت أتمنى وجودهم معي في فرحتي ولكنه ظل من أجمل الأيام رغم ذالك ، بالأمس كانت جولتي الأولى في معرض الكتاب الدولي بالرياض ولعل هناك جولات أكثر في الأيام القادمة ، ولكن الأولى تعتبر القنديل الذي يشجع للمزيد ، 3 ساعات لا تكفي أبدا للمعرض ، وكما كنت أردد منذ سنوات لماذا تصر إدارة المعرض على الساعة 10 مساء كحد أقصى للزوار ؟ فهناك الكثير الذين لا يجدون أوقاتهم إلا بالليل . تجولت لمدة 3 ساعات في جميع دور العرض أو كما أعتقد أغلبها لأنه من المستحيل أن تتجول في الكل في فترة 3 ساعات ، كنت أحمل قائمتي التي أعددتها منذ شهرين ، ولسخرية القدر لم أشتري منها سوى النصف فقط ! لأنني وجدت أفضل منها ، ولأن الوقت لم يكن معي لأتقافز بين دور النشر التي تتباعد بمسافات كبيرة ، ذالك يعتبر خطأي لأنني لم أصنف دور النشر في قائمتي بالدول وإلا لكانت مهمتي أسهل ، اشتريت العديد من الكتب وأعتبر هذه السنة هي الأفضل لي من ناحية الاختيارات لأنني في السنة الماضية لم أوفق في اصطياد ما أريد بسبب عوامل " تشتيت " مختلفة ! من خلال جولتي وكما اعتدت كل سنة أن أدون ، المعرض كما هو منذ سنوات لم يتغير ، بمشاكله ، باعتراضاته ، بتدخلات مختلفة ، ولكننا كزوار نبحث عن الكتب الجديدة والمفيدة والتي توافق أفكارنا ولست ملتفتا أو متصيدا لأي من الأحداث الجانبية التي تحصل ، فلنفسي الأهمية أولا وأخيرا وهذا شئ تعلمته منذ فترة ليست بالطويلة ، أنا قبل الكل أبحث عن فائدته وبعد أن أحقق لنفسي ما يرضيها ويصلحها ويفيدها ويسعدها ألتفت لمن حولي . لاحظت موجة من الانتشار الغير منطقي حقيقة من الدعاة في المعرض شدني ذالك وجعلني أدونه هنا ضمن ملخص الجولة، في كل ركن ودار نشر أجدهم أمامي بنظرات متشككة مترقبة مراقبة ومستعدة ! ذالك في السابق جعلني أتوتر ولكنني هذه السنة لم أكن أملك الوقت لألتفت لهم فما بين خارطتي وتصنيفات المعرض أتنقل سائرا من غير حذر ، نعم هناك مقولة " الشر يعم " ولكنني من خلال لحظات التقط فيها أنفاسي وأستريح أتأمل الوجوه حولي فلم أرى غير فتيات يبحثن عن كتب وينتقين بكل حماس _ شبهني ذالك بحماسي _ ويحملون عناوين عميقة من خلال مؤلفيها إما في قائمتهم أو فيما اشتروه بيديهم ، فلماذا تعميم النظرة السيئة ! انتشروا جزاكم الله خيرا ولكن ليس بهذه الطريقة المذعورة المبالغ فيها ، بالتي هي أحسن . هذه السنة أعتبرها من أجمل سنوات زياراتي للمعرض لأنني وجدت الفرصة والتركيز وكنت مع شخص غفر الله له مهتما بالكتب قدر اهتمامي فساعدني في آخر ساعة ونصف من وجودي بالمعرض ، هذه السنة وفقت ولله الحمد في اختيار ما يناسبني ، ولعل الصورة تخبركم ببعض ما انتقيت ، لأنني لا أستطيع جمع الكل ، ابتعدت هذه السنة عن الروايات العالمية المترجمة ، فلا زالت ( 100 عام من العزلة ) تحتضن فاتورتها في مكتبتي منذ السنة الماضية وعلمت بعدها أن عهد الروايات الكبيرة لن يعود بعد إنهائي لسلسلة ( هاري بوتر ) ولمؤلفات ( أغاثا كريستي ) و ( دان براون ) إلا أن أجد شيئا مثيرا آخر ، قللت هذه السنة من شرائي لكتب الفكر العميقة ولعل أبرز ما انتقيت في مجال الفلسفة ( الفكر بين العلم والسلطة ، من التصادم إلى التعايش ) لعلى إبراهيم النملة ، الدواوين الشعرية لم اشتري الكثير منها فقط مجموعة كتب منوعه وكانت من كتاب محليين لأنني تشبعت خارجيا وآن الأوان أن أدقق داخليا ولعل أبرزها ( شكوت نفسي ) لإبراهيم النملة ، أكثرت من الكتب النفسية وخاصة لسيغمويد فرويد ، ووجدت الكتاب الذي كنت أبحث عنه منذ فترة ويا للعجب وجدته صدفة ! وهو ( تأملات قبل النوم ، يوما بعد يوم ، على مدار 12 شهرا ) للهندي العبقري أوشو معرب عن طريق صفوان حيدر ، واحتوت قائمتي على مجموعة نثريات منوعه ، وخلت ولأول مرة من دواوين العظيم ( نزار قباني ) ، لأنني قرأت كما أعتقد جميع مؤلفاته وستبدأ مرحلة إعادة ما قرأت قريبا ، تعجبت من نفسي لأنني لم أبحث عن فاروق جويده ! ذالك الشاعر الذي أشعر بنفسي في شعره ، حتى يخيل لي أن روحي كروحه ، لأنني أتلذذ وأشعر بأمور كثيرة عند قراءتي له ، بينما في حالة نزار قباني أنتشي وأجن معه ، وقبل أن أنسى فلا زالت غادة السمان ترافق قائمتي منذ 4 معارض ، أحب أن أنتقي لها كتابين أو 3 كل سنة ولا أريد أن أقرأ لغادة جميع ما كتبت دفعة واحده كحال نزار ، لأنها كورده تعطر قائمتي كل سنة . لا زلت أطمح لجولة أخرى ، بدأت فترة الامتحانات مبكرا ، ولكنني آمل أن أجد متسعا من الوقت ، إن حصل ذالك فأنا أسعد شخص هذا الشهر وإن لم يحصل فما اقتنيته يكفيني للسنة القادمة ، وسعادتي مستمرة ، لأنني أحسست بروحي تعود إلي فلا تذهبي بعيدا وابقي بجانبي . يحيى عمر آل زايد الالمعي