قد لا يصعب معنى الأنانية على أغلب القراء أو فلنقل الجميع يعرف معناها ، الأنانية ضد الإيثار وهي حب الذات و يدخل فيها الحسد فهي مخالفة للحب الأخوي ، كما في الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) . رواه البخاري ومسلم . وهي خلق ذميم سيء يجب على الجميع محاربته بشدة وبدون تراخي ، فهي تجول في نفس الإنسان دون أن نشعر وتسري في جسده حتى يتطبع بها وتكون طبعاً له فيصعب عليه تركها ، الأنانية ليست بالخطورة اليسيرة فلو نظرنا بشكل أوسع لوجدنا أن لها أثر كبير على المجتمع بأكمله سواء الضيق أو الفسيح ؛فهي قد تؤثر على أخ وأخيه وقد يصل تأثيرها على العالم أجمع . ربما أن أشد الأنانية ضرراً هي الأنانية في الفكر ، فالأفكار تمر مروراً سريعا يستدعي اصطيادها والعمل عليها وتناولها والتشارك فيها قبل أن تضمر أو تضيع ، والأفكار كلما زاد المشاركين فيها كلما كانت أكثر نضجاً وثراء ، لأن العقول المختلفة لها نظرة مختلفة تضيف على الفكرة وتنقحها أما العقل الواحد فهو أضعف بلا شك وقد يظهر بفكرة ركيكة ضعيفة لا تسترعي اهتمام أحد من الناس ، وكثير من الأحيان نجد التحفظ على الأفكار خوفاٌُ وطمعاً ؛ فهو خوف من أن تسرق حقوقها وطمعاً فيما سيجني من وراءها مادياً ومعنوياً ، والحقيقة أن ظاهرها يوحي بأنه على حق وأن هذا من حقه ، ولكنها في نظري مضيعة للوقت وللفكرة نفسها، فالفكرة فرصة إن لم تظفر بها ذهبت لغيرك ، فلا تظن أنك باحتفاظك بها ستنالها ، بل تنالها إلا بالعمل بها ، والعمل لا يثمر إلا بالمشاركة والتعاون ولا يظهر إلا بهذا بعد توفيق الله ، فلو ترى أن صاحب فكرة نال من ورائها الكثير فلا تنسى الخط الطويل الذي قطعه لتحقيق هذه الفكرة ،عندما يخرج أحدهم بفكرة ويخفيها ويتحفظ عليها فقد ينساها وتضيع ويحرم الناس والمجتمع بل والعالم في أحايين من الاستفادة منها وتلك هي القيمة الحقيقية للفكرة ، فحين يعود نفعها للعالم أجمع أو لمجتمع صغير فهذه هي قمة السعادة وقمة الإحساس بالذات وبالوجود كصحاب أي اختراع يرى العالم ينعم باختراعه ، أن تكون إنساناً سوياً عاقلاً فيجب عليك أن تتخلص من هذا الداء الذي سيحرمك قبل غيرك من المتعة والسعادة في هذه الحياة . رسالة إلى كل مبدع ومبدعه ، لا تحتفظوا بإبداعكم دعوه يرى النور ولا تخافوا من ضياع حقكم فالمبدعون بئر لا ينضب، سيخرج لنا من قاعه بلا شك إبداعاً نفرح به كما فرحنا بالذي قبله . وللتذكير نقدكم لمقالتي المتواضعة هو تنقيح ومشاركة في فكري المتواضع فشكراً لكل ناقد يضيف للموضوع ويصحح الأخطاء . عبدالرحمن الحيزان