من الواقع ، هذا اسم الزاوية التي حاولت بقدر الاستطاعة أن أجد لها اسماً لا يقيدني بمحيط ضيق ، فاخترت الواقع وأنا منه واخترته رغم كرهي له ، واخترته وأنا أسعى لتغييره ، أسعى لأني مللت من تلك الكلمة التي تعني قف تلك الكلمة التي كلما حلمت قالها أحدهم : هذا هو الواقع !! فكل فكرة كانت إبداعية أو تافهة تصطدم بكلمة سلبية من الاتجاه الآخر تقول : ولكن الواقع غير ! أنا أضعكم الآن أمام الواقع الذي لم نفهمه حتى نخافه كل هذا الخوف والوجل ، هناك الكثير من القصص والأخبار عبر التاريخ ، تحكي عن أشخاص وشخصيات غيروا الواقع ، كل الأنبياء والرسل بعثوا ليغيروا الواقع ، ولو كان تغيير الواقع مستحيلاً لما بعثهم الله ، وقد كانوا أفراداً فلم يكونوا جماعات ،ولكن فلنفهم نقطة حول التغيير فالتغيير يجب أن يرتكز بالواقع ويتغير منطلقاً من الواقع نفسه ، وأقصد أننا يجب أن نشخص ونفهم الواقع قبل أن نحاول تغييره ، فإذا عرفنا الواقع وحددنا مشكلاته عرفنا ماذا نغير وماذا نترك وماذا نبقي ، فمحاولة تغيير كل شيء بخيره وشره يؤدي بنا إلى ضياع الوقت الفشل ، وكما أن تغيير الواقع يجب أن يبدأ من الشخص نفسه ، فالأب الذي يريد تغيير ابنه يجب أن يغير نفسه ويكون قدوة قبل أن يحاول تغيير ابنه ولكنها ليست قاعدة بقدر ما هي اجتهاد ، الأب يجتهد ليكون قدوة حسنة والابن يحاول أن يكون قدوة حسنة لإخوته ، والكل يجب أن يكون قدوة حسنة ، فليس من المنطق أن أنهاك عن التدخين وأنا أدخن ، كما في البيت القائل: لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم ولكن ماذا لو كنا نعرف أن هذا الفعل خطأ ونحن نفعله ونعلم أنه خطأ ولكن بتقصير منا لا نزال عليه ، هل يعني هذا أننا يجب أن نسكت ولا نقول الحقيقة ولو على أنفسنا ؟! سنعيش التناقضات إلى أجل غير مسمى حتى ننقطع عن فعل الخطأ فالإنسان حين يعظ غير فهو يعظ نفسه في الوقت ذاته . عودة إلى الواقع من جديد ، هناك من يستطيع تغيير الواقع أو أقصد تغيير نظرته إلى الواقع والتكيف معه وهو ما يسمى الآن بالتفكير الإيجابي ، وهو النظر إلى الجانب الإيجابي والتغافل عن السلبيات ،وهذا لا يغير الواقع بل هو يتكيف مع الواقع . المشكلة الآن في تغيير الواقع عدم فهم الواقع ولعل مصلحة الإحصاءات والتعداد تحصل على شيء من الواقع ، فالصدق معهم واجب بلا شك ، وذلك أيضا ليحصلوا على المعلومات الصحيحة التي ينطلقون منها نحو التغيير ، ثم إن التغيير يتطلب أهدافاً نذهب إليها ونسعى لتحقيقها ونواجه نحو ذلك تحديات يجب تحديدها وتجاوزها والتغلب عليها ، وألا نضيع وقتنا في البحث عن نصرة أنفسنا وآراءنا المحدودة فهذا العصر يزخر بالعلوم والمعلومات المختلفة ووفقها كل يرى رؤيته الخاصة ويحاول فرضها وهذا ما يسبب الشتات والفوضى ، فلذلك يجب أن نتجمع إلى كلمة سواء وإلا سوف نذهب كلنا في الهواء ، ويجب أن نلغي كلمة مستحيل من الواقع أيضاً فلا مستحيل إلا كلمة مستحيل ، ولا بد من الاستفادة من عقولنا وتدريبها على التمييز بين الحق والباطل ومعرفة المعايير الصحيحة والقواعد التي عليها نقيس ونحكم ونعلم أن كل الأحكام قابلة للتغيير . إلى اللقاء عبدالرحمن الحيزان