شيء ثقيل لا تحتمله جفوني أحاول رفعها أتحامل على نفسي لكي أفتح عيني لا أستطيع ،أصمد وأصمد دقيقة دقيقتان ولا ألبث إلا وعيناي مغلقتان تماماً ولا تغلق بظلام ، إنها مغلقة ولكني لا زلت أرى صوراً وأشخاص وتماثيل وحركة وأسمع بعض الكلام يبدو أني في عالم آخر وقصة أخرى اندمجت وتكيفت فيها بلمح البصر ،أستدرك الوضع وأفتحها مرة أخرى ، إنه النوم والحلم سبحان الله سبحان الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، ألا تعتقدون أن الإنسان يدرك مدى ضعفه حينما يتسلط عليه سلطان النوم ،ألا يدرك الإنسان أنه ضعيف وواهن أمام هذا الناموس ، فالإدراك يضعف والقوة تضعف والصوت يخفت والحركة تتباطأ واللسان يصبح ثقيلاً والكلمات تدفع من الفم دفعاً ولا تكاد تخرج وإن خرجت كانت مشوهة لا تفهم، ما يضحك أن هذا النوم الذي يطرحك أرضاً ويتسلط عليك ، صاحب مزاج سيء فحين تطلبه لا يأتي ويبدأ في المماطلة إن أتى بعضه وأخذت تتجرعه تجرعاً فيغشيك دقيقة ودقيقة ، والغريب في هذا النوم أنه يحبط الإنسان المنظم الذي يلتزم بمواعيده فحين تتأخر عن موعده يتعكر مزاجه ولا يأتيك بسهوله وقد لا يأتيك إلا بعد فترة طويلة أتساءل هل هذا النوم يتولى عشرة أشخاص ؟! فربما إذا تأخرت عنه يكون قد ذهب لشخص آخر وأخذ في حلم جميل أو كابوس ، وحين يتمم مواعيده مع الآخرين يعود إليك لتغشى وتنام ، والأغرب أنه يعاملك بمثل ما تعامله فلو لم تأته في موعده أتاك على غير موعد فيغشيك على مكتبك أو في قاعة الدراسة أو على الطريق ، على ذكر الطريق والنوم لا أنصح أي سائق بمقاومة النوم على الطريق فقد تنام وأنت تتسابق مع السيارات والله وحده هو المنجي من تلك اللحظات ، فلا تكابر وقف جانباً واستسلم للنوم مباشرة فلا فائدة من فتح نافذة أو رش الماء أو شربه أو رفع صوت المذياع أو الصراخ أو أي طريقة لطرد النوم ، الحل هو الاستسلام بعد التوقف طبعاً في مكان آمن ، أنا والنوم لنا قصة أخرى فلسنا على وفاق يبدو أني أهملت مواعيده فرد بالمثل ، فأيام الإجازات أقام حتى أصلي العشاء وأنام أما أيام الدراسة فتنقلب الآية ويتبدل الحال تلقائياً ويصبح الأرق أوفى صديق وآنس نديم ويتأخر النوم عن مواعيد قدومه فلا يأتي إلا في الصباح حتى أني عزمت أن أغلق عنه الباب تأديباً له كما يفعل بعض الآباء مع أبنائهم ، ولكني مع كل هذا أتصف بصفات الآباء مع أبنائهم فرغم عتبي وعقوبتي للنوم إلا أني أحبه وأسامحه مباشرة حين يأتي مبادراً بتعويضي الوقت الذي هجرني فيه فأصبحنا كالعشاق يتقابلون بعد الهجر بالعتاب الرقيق ويعفو هذا ويصفح ذاك ويأتي العناق عاجلاً أم آجلا ، تقدم العلم وتعمق ليحاول سبر أغوار مزاج النوم وفهمه وعلموا أنه يحتاج إلى تعويد و انضباط فهو سريع التغير إذا غيرت عادته وصعب التعويد بعد أن يتغير ، فهو عصي بقدر قدرته الفائقة على امتلاك عفوك ورضاك ، كتبت هذا بعد تنهيد ومناجاة و عتاب على النوم المفارق ،و هداني الله لأتفكر في هذا الناموس الذي يتسلط على المكابر والمتعالي فيسقطه أرضاً ويهجر المغتر بنفسه وبقدرته فلا تهنأ عينه بلذيذ النوم ، استطردت في الحديث عن النوم فهو يستحق أكثر مما قلت ولكن يبدو أنه عاد إلي الآن يداعبني ويصر على إدخالي إلى عالم الأحلام ، ولا أستطيع مقاومته . أتمنى للجميع نوماً هانئاً وأحلاماً سعيدة عبد الرحمن بن محمد الحيزان