حين استلقيت على فراشي الليلة البارحة كنت أقرأ كتاب للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله وأنصح بقراءته واسم الكتاب (قصص من التاريخ).. وتميز الشيخ رحمه الله بأسلوبه السهل الواضح الجميل وقوة اللغة العربية والوصف الذي ينقلك إلى حيث يروي وتصويره البارع .. لا أريد أن أذكر القصة ولكن الشاهد منها شخص توحد في صحراء واسعة وقطع مسافات وبقي وحده لا أنيس معه ولا خليل ولا نديم .. كان يمشي وهو يجر قدميه جراً .. وفي طريقه بدأ بتذكر صحبته وجيرانه والأطفال ..إلى نهاية القصة الشاهد .. ماذا لو كنت أنت شخص تعيش وحدك في هذا الكون الفسيح وقد ملكت كنوز الأرض لا يشاركك فيها أحد .. هل ستفضل الحياة على الموت وأنت تعيش وحدك في هذه الدنيا؟ لن أستطرد في ضرب الخيال ..! ولكن إذا كان الإنسان على هذه الأرض يعيش مع نفسه لا يكلم أحدا ولا يفيد ولا يستفيد متقوقعاً حول نفسه لا يهمه غيرها يبحث عما ينفعه ولا يلقي بالا حول ما ينفع الآخرين .. يعيش بأنانية مفزعة يخوض في هذه الدنيا لأجل نفسه ولا يفرح بفرح الآخرين ولا يحزن لحزنهم ولا يمت لهم بأي صلة كانت .. فهل يعتبر هذا الشخص عاقل ؟! الحقيقة أنه كما الشخص الذي يعيش في الكون لوحده .. ما أريد أن أصل له .. كيف تحس بوجود الآخرين ويحسون بوجودك ؟ هي كلمة سهلة التعاون هذه اللغة التي تعني الكثير هذه اللغة التي لو تم تفعيلها بشكل صحيح لرأينا ثمارها على المدى القريب والبعيد .. إنها كلمة عظيمة ولو تعاون الناس تعاوناً إيجابيا وهو التعاون على الخير وليس التعاون على الشر لأصبحت النفوس صافية والقلوب راضية وزادت المحبة بين الناس ونبذ الكره.. قد تكلمت عن التعاون في السابق ولكن لا أخشى لو خصصت كل ما أكتب عن التعاون ..فلك أن تتخيل هذا التعاون منشرا بين الناس بشكل كبير وواضح. أنا لا أقول أن الناس لا يتعاونون بل أنا أرى شيئا منه ولكن وجدناه يتقلص شيئا فشيئا والترابط يقل ويتفكك ..والسبب هو المادية التي صارت طاغية على الناس والبحث عن المكاسب والمعيشة والثراء والطمع .. حتى تلاشت دوافع العيش الأخرى فنكاد لا نجد شخصا إلا كان هدفه الحصول على أكبر قدر من المادة ..مال ،مركبة فخمة ، رفاهية مبالغ فيها .. انعدمت القناعة ونسي الموت وأخاف أن ننسى الآخرة .. وصار الهدف هو الحصول على أكبر قدر من المال بل هو فوق الحاجة حتى صار مؤرقاً وسلبياً.. لماذا لاشيء يفرحنا إلا المال ؟ علينا أن نقدر النعم الباقية ونشكر الله عليها .. الأصدقاء ، الأهل ، الاستقرار النفسي ، العلم ، الكتب ، التبسم المتبادل بين الناس ، ممازحة شخص وجدناه على الطريق أو في صالة الانتظار .. فلنبدل الحديث عن التذمر بالأمل والإيجاب ونعتاد على الصبر أعتذر للتشتت وعدم التركيز على محور واحد ولكن أظن كل هذه الأمور تهدف إلى الإيجابية في التفكير شكرا لكم عبدالرحمن بن محمد الحيزان