احتلت قضية سد النهضة وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين القاهرةوبكين ومواجهة وباء كورونا، صدارة جدول الأعمال خلال الزيارة التي يجريها وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى مصر. والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وزير الخارجية الصيني، الأحد، حيث جدد التأكيد على موقف مصر الثابت بالحفاظ على أمنها المائي المتمثل في حقوقها التاريخية في مياه النيل، بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة يحقق مصالح الجميع بشكل عادل. وأعرب وزير خارجية الصين، عن تفهم بلاده التام للأهمية القصوى لنهر النيل لمصر، ومن ثم مواصلة الصين اهتمامها بالتوصل لحل لتلك القضية على نحو يلبي مصلحة جميع الأطراف. 65 عاما من العلاقات وأكد الرئيس المصري حرص القاهرة على الارتقاء بمستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع بين البلدين، خاصة وأن العام الحالي يتزامن مع مرور 65 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية المصرية الصينية، والتي شهدت مسارا ممتدا من التعاون والتنسيق بين البلدين في شتى المجالات وكذلك الاستفادة من التجربة الصينية التي تعد قصة نجاح يسعى العالم إلى دراستها بهدف الدفع بالتنمية الشاملة لرخاء ورفاهية الشعوب. ووقع وزيرا خارجية مصر والصين، يوم الأحد، اتفاقا لإنشاء لجنة التعاون الحكومية المشتركة. بدوره، يرى نائب وزير الخارجية المصري السابق، وسفير مصر ببكين الأسبق، علي الحفني، في تصريحاته، أن زيارة وزير الخارجية الصيني إلى القاهرة تأتي في ظل علاقات الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، ودعما لمسار العلاقات الدبلوماسية المتميزة والتي شهدت 6 زيارات للرئيس السيسي إلى بكين، وزيارة للرئيس الصيني إلى القاهرة عام 2016. وأضاف الحفني أن هناك حوارا استراتيجيا على مستوى وزارتي الخارجية، وتواصل دائم بين وزيري خارجية البلدين، ومن ثم فالزيارة تأتي لتضيف بعدا جديدا على هذا الزخم في العلاقات، تزامنا مع النمو الكبير في حجم الأعمال المشتركة التي يتم تنفيذها في مصر، وكذلك ارتفاع معدلات التبادل التجاري. وأصبحت الصين الشريك التجاري الأول لمصر للعام الثامن على التوالي منذ عام 2013، وتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 14.5 مليار دولار في عام 2020. كما بلغ حجم الاستثمارات الجديدة بلغ العام الماضي 190 مليون دولار ليتجاوز الإجمالي 1.2 مليار دولار، بحسب السفير الصينيبالقاهرة لياو لي تشيانغ. سد النهضة ويوضح نائب وزير الخارجية المصري السابق، أن الزيارة تعطي فرصة لمناقشة الكثير من القضايا التي تهم الدولتين سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وفي صدارة ذلك قضية سد النهضة، والانسداد فيما يتعلق بآلية المفاوضات بفعل تعنت إثيوبيا وعدم تجاوبها مع المبادرات التي تم طرحها من قِبل القاهرةوالخرطوم. وأضاف: "الأزمة لا تزال مطروحة في مجلس الأمن، ومن المنتظر الفصل في مشروع القرار الذي تقدمت به الخرطوم، وبالتالي نتشارك مع الصين في حرصنا على إنهاء الأزمة بشكل دبلوماسي، ومحاولة جذب الاستثمارات للقرن الإفريقي لأن استقرار الوضع في تلك المنطقة يصب في مصلحة مصر لأنها مرتبطة بالأمن الإقليمي". وهذا ما تطرق إليه وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال مباحثاته مع نظيره الصيني وانغ ييّ، حيث شرح موقف مصر والسودان كدولتي مصب، وضرورة الحفاظ على مصالح كافة الأطراف وضرورة عدم الإضرار بالأمن المائي لدولتي المصب، فضلا عن أهمية الانخراط في مفاوضات معززة برعاية رئاسة الاتحاد الإفريقي وصولاً إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح كافة الأطراف. وأكد شكري على أهمية موقف الصين في هذه القضية ذات التأثير الكبير على مصالح مصر وعلى أمنها القومي. وأشار الخبير في العلاقات الدوليّة، أيمن سمير، في تصريحاته، أن هناك بحث من جانب القاهرة في كل المسارات التي يمكن أن تؤدي إلى حل الصراع مع إثيوبيا بشكل سلمي، وبالتالي تراهن على أدوار دولة كبرى بحجم الصين لها استثمارات قوية في إثيوبيا وعلاقات طيبة مع حكومة آبي أحمد بأن تكشف للجانب الإثيوبي بأن المرونة في المفاوضات واحترام القانون الدولي المتعلق بالأنهار الدولية العابرة للحدود ينبغي أن يكون هو الأرضية والوسيلة للتوصل إلى حل. لكنه يرى أن الصين لن تغامر بطرح مبادرة أو وساطة لحل أزمة سد النهضة، خاصة أن الدبلوماسية الصينية ليست نشطة في الصراعات الإقليمية والبعيدة عن المناطق الجيوسياسية عنها، وربما ترى أن طرح مثل هذه المبادرات قد يفقدها ما تعتقده بأنها تقف على مسافة واحدة من الجميع. لقاح كورونا وعاد السفير علي الحفني، للإشارة إلى أن علاقات مصر والصين تنوعت بدرجة كبيرة في الفترة الأخيرة خاصة في مجال الرعاية الصحية والطبي، بعدما اتفقا على إنتاج اللقاح الصيني المضاد لكوفيد-19 "سينوفاك" في مصر لتلبية احتياجات مصر والقارة الأفريقية من اللقاحات. وأشاد الرئيس السيسي بالتنسيق الذي تم على أعلى المستويات منذ اندلاع أزمة وباء كورونا، وصولاً إلى التوقيع على اتفاقية التصنيع المشترك للقاح "سينوفاك" فى مصر، بما يدعم الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة الأدوية واللقاحات فى مصر، معربا عن التطلع إلى استمرار التعاون المثمر بين البلدين على كافة المستويات سعياً لتعزيز الجهود الدولية فى مواجهة تداعيات الوباء. ومن المقرر أن تبدأ مصر تطعيم مواطنيها بلقاح "سينوفاك" المنتج محليا مطلع أغسطس المقبل.