شيّع اليوم السبت ضحايا حادث تصادم القطارين بمحافظة سوهاج في جنوب مصر الذي أسفر عن مقتل 32 شخصاً وإصابة أكثر من 160، معظمهم من أبناء الصعيد، فيما باشر التحقيق لمعرفة ملابسات الحادث. وأظهرت مشاهد التقطتها كاميرات مراقبة اصطداماً عنيفاً قذف إحدى المقطورات في الهواء وخلّف سحابة كثيفة من الغبار والدخان في موقع المأساة في قرية الصوامعة غرب على بعد 460 كيلومترًا من القاهرةجنوبًا. وظهر في مقاطع الفيديو المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، خروج بعض عربات القطارين عن القضبان ومسارعة المواطنين ورجال الإسعاف لنقل الضحايا على نقالات في مشهد مرعب. واستأنفت حركة القطارات على الخط، صباح السبت، بعد إزالة العربات الخمس التي انقلبت والحطام الذي خلفه الحادث، فيما تنتشر قوات أمنية في المنطقة. وبدأت مراسم تشييع الضحايا صباح السبت في القرى المحيطة واستمر مراسم الدفن بعد صلاة الظهر. فيما بدا السكان حذرين لدى اقتراب مراسلي وسائل الإعلام منهم بشكل عام. وخلال مؤتمر صحافي، عقد مساء الجمعة في سوهاج، أعلنت وزيرة الصحة والسكان المصرية هالة زايد أن حصيلة المصابين 165، 70% منهم يعانون من كسور. وعد سائقا القطارين بين القتلى الاثنين والثلاثين. وأصدر النائب العام حمادة الصاوي بيانا ليل الجمعة بعد معاينته موقع الحادث أمر فيه "بسرعة اتخاذ الإجراءات نحو سؤال سائقي القطارين ومساعديهما ومسؤول لوحة تشغيل برج المراقبة وعامل المزلقان الذي وقع الحادث أمامه". كما أمر "بإجراء تحليل المواد المخدرة لكل منهم، والتحفظ على هواتفهم المحمولة لفحصها وفحص سجل المحادثات المجراة عبرها". وقرر النائب العام بندب لجنة خماسية مكلفة "تحديد المسؤول عن التصادم وسند مسؤوليته، ومدى اتباعه قواعد وأنظمة ولوائح تشغيل القطارات، وبيان كافة أوجه القصور والإخلال وسببها والمسؤول عنها". وفي المؤتمر الصحافي أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أمر ب"مضاعفة" التعويضات لأسر ضحايا الحادث لتصل إلى 100 ألف جنيه عن كل فقيد، ورفعها ما بين 20 ألفا و40 ألفا لكل مصاب على حسب درجة الإصابة. وتوجه مدبولي بخالص التعازي لأسر ضحايا الحادث، موضحا أن الرئيس السيسي وجه كافة أجهزة الدولة بحشد إمكانياتها لمعرفة أسباب الحادث والتعامل معه. وقال "ليس لدينا سبيل إلا تطوير مرفق السكة الحديد"، مشددا على أن "الموضوع يستغرق وقتاً" وأنه "من الوارد أن تحدث مثل هذه الحوادث". وكانت النيابة العامة قد طالبت، في بيان ظهر الجمعة، من الجهات والأجهزة المختلفة عدم إصدار "أية بيانات أو تصريحات عن أسباب وقوع الحادث، إذ تتولى النيابة العامة التحقيقات لكشف حقيقة أسباب وقوعه". حيث أصدرت هيئة سكك حديد مصر بيانًا الجمعة عقب الحادث أرجعت فيه السبب إلى قيام مجهولين بسحب مكابح الطوارئ لبعض عربات أحد القطارين، ما نتج عنه توقفه واصطدام القطار الآخر بمؤخرته. وجاء في البيان أنه "تم فتح بلف الخطر (مكابح الطوارئ) بمعرفة مجهولين لبعض عربات قطار رقم 157 مميز المتجه من الأقصر إلى الإسكندرية ما بين محطتي المراغة وطهطا، وعليه توقف القطار". وأضاف البيان أنه "في هذه الأثناء وفي تمام الساعة 11:42 (بتوقيت القاهرة) اصطدم قطار 2011 مكيف أسوان-القاهرة بمؤخرة آخر عربة بقطار 157 ما أدى إلى انقلاب عدد 2 عربة من مؤخرة القطار المتوقف على السكة وانقلاب جرار قطار 2011 وعربة القوى ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات والوفيات". وتشهد مصر بصورة متكررة حوادث سكك حديد ومرور مأساوية. وأكثر الحوادث دموية وقع في عام 2002 عندما لقي 361 شخصا حتفهم بعدما اندلعت النيران في قطار مزدحم جنوب العاصمة. ونهاية شهر فبراير 2019 شهدت محطة رمسيس للقطارات في القاهرة حادثا مروعا، حين صدم قطار مسرع حائطاً عند طرف رصيف المحطة مما تسبّب بانفجار واندلاع حريق ضخم أدى إلى مصرع 22 شخصا. وتسبب هذا الحادث في استقالة وزير النقل هشام عرفات وقيام الرئيس المصري في مارس بتكليف كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية بالجيش آنذاك ليتولى مسؤولية قطاع النقل والمواصلات. ويأتي حادث تصادم القطارين متزامنا مع أزمة أخرى تشهدها مصر وهي تعطل الملاحة في قناة السويس لليوم الرابع على التوالي بعدما جنحت سفينة حاويات ضخمة بسبب سوء الأحوال الجوية وأغلقت المجرى المائي، بينما تتواصل جهود السلطات المصرية لإخراجها.