ودع المئات الفنان المصري محمود ياسين، في مسجد الشرطة بمنطقة الشيخ زايد، الخميس، وسط حضور عدد من كبار الفنانين الذين تعاونوا معه خلال مشواره الفني الكبير. وكانت أسرة الفنان القدير قد أعلنت وفاته صباح أمس الأربعاء، بعد تعرضه لوعكة صحية في الأيام الأخيرة، وقررت تأجيل الجنازة لأسباب عائلية، ليتمكن ذويه في محافظة بورسعيد من الوصول إلى القاهرة. ويملك ياسين تاريخ كبير في دنيا الفن بمصر والعالم العربي، إذ شارك في أكثر من 250 عمل درامي سواء في المسرح أو السينما أو التلفزيون منذ فترة الستينيات حتى عمله الأخير "جدو حبيبي" عام 2012. وأمام مسجد الشرطة، وقف أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، في استقبال المعزين، بدا على وجهه التأثر بينما يقول "فقدنا فنانا كبيرا، فارس السينما المصرية، له بصمة مميزة في الدراما وأعماله كانت دائمًا من طراز رفيع". وانتشر أحباب "ياسين" في الساحة الخارجية للمسجد، لمنع التكدس في الداخل من أجل حماية الجميع، نظرًا للإجراءات الاحترازية الخاصة بمواجهة انتشار "كوفيد-19". بجانب سيارة الإسعاف التي تحمل نعش الفقيد، تواجدت أسرة الفنان القدير، من بينهم ابنه "عمرو محمود ياسين" بينما لم تتوقف زوجته الفنانة "شهيرة" عن البكاء، حاول البعض تهدئتها، قبل أن يقترب الفنان أحمد السقا منها لتقديم تعازيه إلى العائلة. وفي حديثه يقول السقا: "هو أستاذ عملاق، تعلمت منه الكثير خلال التعاون معه في فيلم "الجزيرة"، شرف لي الوقوف بجواره أمام الكاميرا". وشهدت الجنازة تواجد الفنان خالد النبوي، الذي أكد أن "محمود ياسين" ساهم في تعليم أجيال عديدة من الفنانين، موضحًا أنه وقف بجانبه في بداية دخوله لعالم السينما. وسط الزحام من المعزين يتحرك الفنان محمد رياض، زوج ابنة الفقيد، بينما يُشير إلى أن "ياسين" من جيل الرواد والعظماء الذين أثروا الفن، مشددًا على إخلاصه لعمله ومحبته الشديدة لوطنه حتى أنه شارك في أغلب الأعمال الوطنية. وبعيدًا عن الفن، ينوه رياض إلى أنه وجد خلال التعاملات الأسرية مع الراحل "أبا عطوفا وإنسان لا يجود الزمن بمثله كثيرًا، مُحب لعائلته طوال الوقت. قبل صلاة الجنازة حضر الفنان الكبير حسين فهمي، يكسو الحزن وجهه خلال مواساة أسرة "ياسين" وفي انتظار الصلاة تحدث قائلًا: "خسرنا فنان صاحب مسيرة مجيدة، دارت منافسة شريفة بيننا على مدار سنوات طويلة وفي الوقت نفسه كنا أصدقاء". وتابع: "اشتركنا سويًا في أعمال عديدة، وعندما تولى إدارة المسرح القومي طلب مني تقديم مسرحية "أهلًا يا بكوات" مع الفنان عزت العلايلي، سأفتقد صديق عزيز بعد وفاته". بخطوات سريعة دلفت الفنانة "إلهام شاهين" إلى الساحة الخارجية بمسجد الشرطة، رغبت في اللحاق بالجنازة وتقديم واجب العزاء في شريكها بعدد من الأفلام السينمائية مثل "اغتيال فاتن توفيق" و"الأخطبوط". وتقول إلهام شاهين "الجمهور في مصر والعالم العربي يشعرون بالحزن على وفاة "محمود ياسين" صاحب الموهبة التي لا تكرر كثيرًا". وتضيف: "تعودنا من العمل معه على الالتزام والإخلاص في كافة التفاصيل المتعلقة بالشخصية التي يؤديها، "ياسين" تركنا بجسده لكنه باقي بأعماله الخالدة". تتفق معها الفنانة نادية الجندي، التي سبق وتعاونت معه في أفلام شهيرة منها "وكالة البلح" لا تنسى تلك الذكريات، تستعيدها في تصريحاتها : "فنان لا يعوض، تاريخ يعبر عن زمن الفن الجميل، وحققنا معا نجاحات كبيرة في أعمالنا". لم تستطع الفنانة بشرى، مدير عمليات مهرجان الجونة السينمائي، التماسك خلال حضورها الجنازة، تغلبت عليها الدموع وهي تسرد فخرها بكونها البطلة التي شاركته أخر أعماله السينمائية. وتستطرد بشرى: "أقدم التعازي للأسرة و للجمهور المصري والعربي، وفاته خسارة لا تعوض، نودع اليوم قامة كبيرة فنيا وثقافيا وانسانيا، اقتربت منه في فيلمنا "جدو حبيبي" وأدركت نبله وشهامته". وتردف مدير عمليات مهرجان الجونة السينمائي: "سيبقى في ذاكرتنا بتاريخه وأعماله، خاصة الوطنية التي علّم فيها أجيال مختلفة حُب البلد". وكان محمود ياسين قد حصل على عدد من التكريمات الفنية عن مسيرته، آخرها في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول المتوسط في دورته ال 31، عام 2015، والتي حملت اسم الراحل. ولم يغب عن الجنازة الفنان محمود حميدة الذي انطلق صوب الأسرة فور وصوله للمكان للحديث معهم لدقائق ثم ابتعد عن الزحام والكاميرات وعاود الظهور عند بدء الصلاة. ووقف المئات من أسرة وأحباء "ياسين" لأداء صلاة الجنازة، علت أصوات البكاء والدعوات، فقد أحد الحضور السيطرة على نفسه ظل ينادي على الفقيد متمنيًا له الرحمة، ثم انطلقت سيارة الإسعاف لنقل الجثمان إلى مدافن العائلة في طريق الفيوم. خلال مغادرة السيارة للساحة الخارجية بالمسجد ألقى عدد من النجوم نظرة الوداع على النعش من بينهم الفنان رشوان توفيق وعزت العلايلي وسهير رمزي ولبلبة.