دفع انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) دول العالم إلى الاستعانة بالجيوش وقوات الأمن في فرض إجراءات صارمة لتقييد التنقلات في الشوارع، بغية احتواء هذا الوباء الذي ينتشر بسرعة كبيرة. واعتبارا من الثلاثاء، أعلنت السلطات الفرنسية سريان حجر صحي شامل في مختلف أنحاء البلاد، لأجل تطويق الوباء الذي أصيب به الآلاف في البلد الأوروبي. وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد أعلن، يوم الاثنين، أن بلاده ستحظر التنقل غير الضروري ل15 يوما، وحث المواطنين الفرنسيين على التحلي بروح التضامن. وأعلن ماكرون نشر الجيش في المناطق المتضررة من كورونا، مضيفا أن مستشفى عسكريا سيقام في منطقة الألزاس، شمالي البلاد. ولوح ماكرون بعقوبات صارمة ضد كل من يخل بهذه القيود المفروضة على التنقل، وشدد على أن فرنسا تخوض حربا صحية لأجل الحؤول دون مزيد من الإصابات. وفي سويسرا المجاورة، أعلنت قائدة قوات الجيش، فيولا أرنيد، أن بلادها قررت تعبئة ما يقارب 8 آلاف جندي حتى يكونوا جاهزين لمساعدة السلطات على مواجهة الوباء. وأعلنت السلطات السويسرية، حالة الطوارئ في مجمل أرجاء البلاد، وأمرت بإغلاق كافة المطاعم والحانات ودور العبادة، باستثناء الصيدليات ومتاجر المواد الأساسية والمنشآت الصحية. أما إسبانيا التي صارت رابع أكثر دولة متأثرة بالفيروس، فلجأت إلى قوات الجيش والشرطة لأجل فرض الحجر الصحي، ووثقت عدة مقاطع فيديو، رجال الشرطة وهم يدعون المواطنين في الشارع إلى العودة لبيوتهم وملازمتها. وتزايد لجوء الدول إلى الجيوش لأجل تطويق فيروس كورونا، وتطبيق القرارات الوقائية الصادرة عن الحكومات، أو لأن المصالح الطبية لم تعد قادرة لوحدها على أن تفي بالغرض في مواجهة الفيروس. وفي الدول العربية، نزلت قوات من الجيش الأردني إلى الشوارع ومداخل المدن ومخارجها، لأجل كبح وباء كورونا الذي أصيب به عشرات الأشخاص في البلاد حتى الآن. وأعلنت الحكومة الأردنية، حظر كل تجمع يزيد عدد أفراده عن 10، ومنعت الخروج من البيوت إلا في حالة الضرورة القصوى، تفاديا لتسجيل المزيد من الإصابات. وفي المنحى نفسه، رفع الجيش المصري استعداده لأجل التعامل مع فيروس كورونا، من خلال تدريبات لعناصره، فيما نفذت قوات السلاح الكيماوي عمليات تعقيم بعدد من الأمكنة لأجل الوقاية من الفيروس. التجربة الصينية الملهمة وبما أن الفيروس ظهر في الصين لأول مرة، في أواخر العام الماضي، استعان هذا البلد الآسيوي بقوات الجيش والشرطة لأجل مكافحة المرض، على مدى أشهر، وقدم نموذجا يحتذى للدول التي سجلت الإصابات على نطاق واسع، فيما بعد. وحرص عناصر إنفاذ القانون على إلزام الناس بالمكوث داخل بيوتهم، أو التحرك وفق المسموح به، لاسيما بعد فرض حجر صحي واسع في مدن يسكنها الملايين من الناس. ويرى الخبراء أن هذه التدابير الصارمة آتت ثمارها في الصين، والنتيجة بادية أمام الجميع، في الوقت الحالي، بعدما انحسر الوباء وتراجع العدد اليومي للإصابات والوفيات الجديدة. وفي وقت سابق، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن رئيس معهد "نيو إنغلند" للأنظمة الحسابية المركبة، يانير بار يام، أن الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الصين، واستعانت فيها بعناصر إنفاذ القانون، هي التي ساعدت على انحسار الوباء في غضون ثلاثة أشهر. ونبه الباحث إلى أن عدم اللجوء إلى هذه الإجراءات الصعبة يزيد من سوء الوضع في المستقبل، لاسيما أن الولاياتالمتحدة سجلت آلاف الإصابات على غرار أغلب دول العالم.